Translate

الاثنين، 15 أغسطس 2022

حسنات في مهب الريح بقلم / أحمد المودن - المغرب

 حسنات في مهب الريح

أحمد المودن - المغرب

زار الحاج علال المدينة، بعدما جمع محصوله الفلاحي بالقرية، وحل ضيفا عند ابنته...الحرارة مفرطة هنا بهذه المدينة، والدليل هو أن مراوح المسجد، حيث صلى الجمعة، كانت تصدر ضجيجا من شدة الدوران...بل وصار الهواء المنبعث منها ساخنا...
الفقيه، وهو يتصبب عرقا، نصح المصلين بأداء الزكاة، وشرح كيف أن ذلك يطيل العمر، ويزيد في سعة الرزق...
الحاج علال، وهو يتابع خطبة الفقيه، قرر إخراج ما وجب عليه من الزكاة، بل وذهب أبعد من ذلك وهو يتخيل عدد الحسنات التي سينالها إن هو أفرج عن زكاة ماله...
أحس أن تعبئته بالإيمان والتقوى قد تمت بنجاح، فقلبه أصبح مفعما بحب الفقراء والمساكين، واقتنع أن في ماله حق لهم...
خرج من المسجد، وآثار التقوى بادية عليه، يستغفر تارة، ويسبِّح أخرى، ويفرق الدراهم على السائلين بباب المسجد...
الجو بالخارج حار جدا، وهو ما أثر على لباس الرجال والنساء، فما أن قطع الشارع حتى أثارت انتباهه فتاة عشرينية تنطبق على جسدها كل معالم الجغرافيا من تلال وجبال وسهول، بل أن العم علال ركز بصره الثاقب على وسط الدائرة، مستخدما جهاز السكانير المتواجد بمخه، فاستطاع تحديد الحجم واللون والشكل بالتدقيق، ولسان حاله يقول : " ما هذا الخير الوفير، أشحم هذا أم لحم؟ وبأي مزرعة ترعى هذه الغزالة الشقراء؟!...ألا تزكي هي الأخرى عن جسدها الفاتن؟!
التفتت الفتاة نحوه صدفة ، فغير محور نظره نحو أعلى...جبلان على صدر مستوٍ يهتزان بعدما اثرت الحرارة على قماش حمالات الصدر، فاتسعت مسامه، ليسيل لعاب الحاج علال، فسار خلفها كجرو يتبع مالكه، غير منتبه أنها تسير بغير طريقه...كان يقوم بمقارنة هذه الغزالة بزوجته التي ما عادت تستعمل حمالات الصدر، بعدما هدم الأطفال الرضع معالم صدرها...
انتبه أخيرا لنفسه، فقد ابتعد عن منزل ابنته...بل تاه عنه نهائيا، فلم يعد يعرف إليه سبيلا. تذكر نصائح الفقيه، والحسنات...أخرج هاتفه، وركب رقم ابنته، امرأة حلوة تجيب:
- إن رصيدكم غير كافٍ لإجراء هذه المكالمة...
ابتسم ساخرا من نفسه وتمتم :
- إن رصيدكم غير كاف للمرور فوق الصراط بسلام ، لقد اسنفذتَ الحسنات في تتبع الغزالة يا علال... المرجو تعبئة حسابك من جديد...
أحمد المودن - المغرب
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏منظر داخلي‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة