Translate

الجمعة، 30 ديسمبر 2022

محاكمة بقلم الأديبة المبدعة / حميدة الساهلي

 محاكمة

أراها رؤيا القلب تداعيات الارتطام بخفاياك الحالكة، تدحرجني رويدا للتيه والضياع، تستشعره روحي دوي الانكسار..
يظهر جليا على حواف الفنجان آثار لثم ملطخ بالألم٬ وفي الثمالة بقايا مشاعر مرة، يصيبني الليل بعدوى صمته، تتقاذفني الريح كموج يسارع لضم الصخر لتتكسر لهفته ويتفتت.
يراودني هاجس فضح نوايا هجرك٬ ثم أطرد تلك الأفكار من رأسي وأخرس وسوسة قلبي، أعلم أن الأمر ليس هينا على كرامتي وكبريائي، ولكني اخترت تأجيل النهاية يوما آخر، وإن لم تهب ريح تعري خطيئتك؛ فسأختار طمرها مرة أخرى وأخرى.
بت أدرك الآن أن الشيء الذي ينخر جسدي كل ليلة ليس سوى طعن المسامير، كالتي تدق في تابوت التشييع.
أوهمت نفسي أني أمسك بزمام الأمور، وأدحض شكي بيقيني بأنك ارتكبت الغدر ولا مجال لرتق الشرخ، هذا إذا انتابك الندم واعترفت، فلن يكون غفراني سهل المنال، فكما تعلم إن الصدمة تقذف بالمشاعر إلى الهاوية، تكسرها، تفتتها، ترديها هباء كأنها لم تكن.
حاصرتني نظراتك الماكرة التي كنت أعتبرها بالأمس القريب مهد النور الذي يضيء مساري، وصدقت كلماتك المزيفة التي نسجتها كشبكة العنكبوت، تلفها بمهارة حول أجنحتي تحول دون رفرفتي، وكنت منذ مدة تمارس لعبة القوامة الشرقية بمهارة، تفرغني من ذاتي ببطء. الآن وقد اكتشفت خداعك، أحاول جاهدة اقتناص الدليل من أثر جرائمك المسبوقة بالإصرار والترصد، لأشج به رأس حجتك الكاذبة، حين أتهمك علانية بقتل الحب، لن يكون الآن على أية حال، فلازلت أستنزف منك آخر قطرة من ماء وجهك، أريقها على رصيف انتقامي، حتى أوصلك للقاع الذي تسحبني إليه.
ظننت أني حين امهلتك بعض الزمن لتعود أدراجك عما تقترفه من جرم في حق ذاتي، إلا أنك استهلكتها في زيادة رصيدك الاجرامي، وتماديت في الخيانة الشنيعة، ورصدت لنفسك بوارق للهروب بعيدا، محملا بكل ما أملك، ولم يخالجك شعور الرأفة بكياني الذي وهبته لك على طبق من حب، واختالتك نفسك وزينت لك حياة الذئاب.
ولكن فاتك أن تحزم أمرك قبل أن يغالبك ضعفك وتسقط في براثن ملذاتك، و تلتهمك فوهة جشعك العميقة والتي نكثت بفعلها عهود الأمان التي تلوتها لي ذات يوم.
أدركت الآن أنك لا تستحق أن أهدر لأجلك ربيع عمري، فتظاهرك الوقح أمام الجميع بأنك أسد كشفته-دون أن يرف لي جفن- حين استدرجتك بملامح ليلى البريئة، إلى تذوق كعكها اللذيذ، وأطفأت الأنوار التي تحيط بالطريق المؤدي إلى الغابة، فكم كنت أتعجب قدرتك على المشي في الظلام، كما استغربت انسلاخك السريع من قناعك السميك ذو الهيبة، و بدأت تتلوى بخبث الذئب المتهيء للانقضاض على فريسته الغضة، ستخبرك ليلى بعد وقوعك في فخ ردائها الأحمر أنك كنت مستهدفا من قبل غباءك المدقع الذي ورثك الهزائم.
وكم حسبت الصخر الذي تحمله بين ضلوعك_ والذي تكسرت عليه قوارير عديدة_ قلبا ينبض كسائر القلوب.
"سأزورك في منفاك ذات يوم لننهي خلافنا في من منا كان أشد مكرا"
حميدة الساهلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة