Translate

الجمعة، 30 ديسمبر 2022

سر الحسناء .... قصة .... بقلم الأديب المبدع / محمد الدحان ..

 سر الحسناء .... قصة ....

بقلم الأديب المبدع / محمد الدحان ..

مضى وقت طويل وهو عاطل عن العمل ... لا يذكر آخر مرة اشتغل فيها .. فالأيام بالنسبة إليه أصبحت متشابهة .. لا فرق بين سبت أو أحد وخميس .. لكن مطالب البيت لا تتوقف ، وعليه أن يجد عملا في أقرب وقت ممكن قبل أن يأتي على آخر مليم من مدخراته .
أخبره صديق له أنه وجد له عمل سائق على شاحنة تنقل البضائع بين المدن .. لم يمانع وأبدى رغبة شديدة في الحصول على هذه الوظيفة بسرعة ... أخذه رفيقه عند صاحب الشاحنة .. تعرف عليه ووافق على جميع الشروط والراتب الشهري دون قيد أو شرط .. فهمه الوحيد الآن هو أسرته ومصاريفها .. وإيجار البيت الذي تراكمت عليه منه أشهر متتالية .
كانت أولى مهامه في عمله الجديد أن ينقل شحنة تبن من إحدى المدن بالساحل الغربي إلى مدينته ... لم تسعه الدنيا وهو يستعد لرحلة الصباح وهو يتخيل نفسه وقد صار سائق شاحنة من الحجم الكبير بعد أن كان مجرد سائق طاكسي بين أحياء مدينته .
ودع زوجته باكرا والقى نظرة على أولاده في غرفتهم وانطلق نحو المرآب المكشوف حيث ركنت شاحنته الميشي الضخمة .. وانطلق حيث أمره صاحب العمل .. هناك ترك العمال يصففون بالات التبن فوق الشاحنة ودخل غرفة قيادته .. وأخذ يدخن سجائره ويشرب فناجين الشاي من الترمز الذي أعدته له زوجته ريثما ينتهون ... كان حقا سعيدا ويكاد يطير فرحا .. وبين الحين والآخر كان يتجول بعينيه داخل الكابينة غير مصدق نفسه أنه أخيرا وجد عملا بالأوراق الرسمية .. عملا قارا ومستقرا سوف يحصل منه على التعويضات العائلية والتغطية الصحية ، وهو الأمر الذي سيخفف عنه بعض الحمل .. وسينسيه أخيرا مشاكل الطاكسي وهمومه .
ناداه أحد العمال حين انتهوا من تحميل الشاحنة ..... شاحنتك جاهزة ... !! ..... كانت الشمس قد غابت حين ودعهم بعد أن أنهى جميع الترتيبات وانطلق .
بعد حوالي ساعتين من القيادة .. عند نصف المسافة تقريبا ، وفي مكان مقفر لا يعرفه ، بدأ يسمع صوت قرقعة قادما من المحرك .. وقبل أن يهدأ من سرعته ويركن إلى اليمين توقف المحرك فجأة .. حاول أن يبعد الشاحنة عن الطريق ويتركها تمضي بمفردها قليلا وهي صامتة حتى توقفت أخيرا خارج الطريق ... سحب فرامل اليد ونزل يلقي نظرة ... لقد تأكد له أنها لن تعمل من جديد ، وأن الأمر يتطلب حضور ميكانيكي مختص .. ولكن أين يعثر على واحد في هذه الساعة المتأخرة من الليل ... ؟! .... فقرر أن يقضي ليلته داخل الشاحنة لكنه تردد وفكر .. فكيف ينام داخل غرفة القيادة في مكان مقفر وخطر ، ومكشوف كهذا .. ؟! ... عليه أن يكون حذرا .
تسلق ظهر الشاحنة بسرعة بعد أن أقفل أبوابها بالمفاتيح جيدا .. واستلقى فوق بالات التبن ... كان متعبا ومجهدا حتى أنه نام كالميت خلال دقيقة واحدة .
بعد فترة ليست بالقصيرة أحس بصوت محرك سيارة بجانب الشاحنة ، وصوت نسوي ينادي ... مصطفى .... مصطفى .... أين أنت .... ؟؟ ... أطل بحذر من فوق بالات الثبن ... كانت السيارة ميرسيديس 190 ، وتقف بقربها سيدة شابة .. استطاع أن يراها جيدا من خلال أضواء سيارتها التي كانت متوقفة خلفها ... كلمها من فوق ... أنا لست مصطفى سيدتي .... !! ... فأجابته ... لكن هذه شاحنة مصطفى .. أنا أعرفها ، لهذا توقفت ... وتسائل ... ربما كان مصطفى هذا سائق الشاحنة السابق ... فعاد يخبرها من جديد أنه لا يعرف مصطفى هذا .. وأنه السائق الجديد ، وأنه أول يوم له كسائق عليها .. وأخبرها أيضا أن الشاحنة تعطلت به ، وسوف يقضي ليلته فيها حتى يطلع النهار .
تأسفت السيدة لحاله بينما نزل هو أرضا الآن واستقر واقفا أمامها .. فبهر بجمالها الشديد ، ورائحة عطرها الفواح ، وأعجب بذوقها في اللباس العصري .. يبدو أنها سيدة من المجتمع الراقي .. لكن كيف لمثلها أن يعرف سائق شاحنة بسيط .
لم تطل السيدة الجميلة الحديث معه ، بل طلبت منه أن يقفل شاحنته جيدا ويرافقها إلى بيتها القريب من المكان ... لقد كان طلبها أمرا ، فلم يستطع أن يبدي أي إعتراض عليه ، خصوصا بعد أن أخبرته أن السائق السابق مصطفى إعتاد أن يبيت عندها ، ويحل ضيفا عليها كلما صادف مروره من المنطقة ليلا .
استقر بجانبها على المقعد وانطلقت تقود سيارتها ، بينما كل أحداث المساء وحتى ظهور هذه الحسناء الجميلة لا تزال بعيدة كل البعد عن الترتيب داخل عقله .. ولا يمكنه جمع تفاصيلها .. وقد بدأت السيدة الآن تقذفه بنظرات غريبة وكأنها تراه لأول مرة ، أو كأنها تتأكد من شيء فيه أثار انتباهها .. أو ربما إعجابها بينما السيارة تسير بين الحقول ، وتقترب شيئا فشيئا من البيت .
محمد الدحان ..
يتبع .........
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة