Translate

الجمعة، 17 فبراير 2023

التمرد… للكاتبة المبدعة / نوال حسن حمش سوريا…..

 التمرد…

للكاتبة المبدعة / نوال حسن حمش
سوريا…..
مشطت شعرها الذهبي المجعد عدّة مرات ….كانت أسنان المشط تنغرس فيه بصعوبة لتخرج منه بصعوبة أكبر ….
كان شعرها كسنابل قمحٍ ذهبيةٍ تنوء من حملها فتسقط متهالكةً إلى ما تحت متنيها….
كان حقل قمحها عشقٌ لهُ يحبهُ بضفيرةٍ طويلة….
حركت رأسها يُمنةً ويُسرى فتراقصت خصلاتٌ ذهبيةٌ مجعدة معانقةً نسماتٍ تسللت خلسةً كحبيبٍ عاشق من نافذتها المفتوحة على دندنات أغنيةٍ كانت ترددها بصوتٍ خافت ….
كان صوتها العذب ينتشر كرائحة الياسمين في أرجاء غرفتها…
خُيل لها للحظةٍ أن كل ما فيها يُنصت لغنائها ويتمايل طرباً على الرغم من صوتها الخافت وارتجالها لبضع كلماتٍ من الأغنية…!
سرت القشعريرةُ في يدها الممسكة بمشط خشبي لتنتقل إلى كل جزءٍ من جسدها النحيل ….توقف كل شيء عن الرقص فجأة.…وأطبق السكون….
تسمرت في مكانها لدقائق طويلة لم تقو فيها عيناها على حبس دموعٍ حطمت قضبان سجنها فانهالت كأمطارٍ تشرين…
لم تشعر برغبة كبيرة في البكاء كهذا اليوم،بكت بشكل هستيري مرعب زلزل أركان غرفتها…..
هزت رأسها يمنة ويسرى فودعت خصلات شعرها الذهبي المجعد شريكها في الرقص ليفر كلصٍ هارب من نافذتها المفتوحة..
اجهشت بالبكاء والنحيب حتى قد يُخيل لمن يسمعها أنهاتبكي عزيزاً قد واراه التراب.
تتالت تأوهات عديدة بالخروج كصافرةِ قطارٍ من صدرها ،
خذلها جسدها النحيل وخذلتها سنابل القمح الذهبية فتهاوت على الأرض والتفت على نفسها كجنين في رحم أمه،
بدأت بلمس جسدها بأصابعها النحيلة المرتجفة مفتشةً عن شروخٍ ظنت أنها أصابتها في كل مسام جسدها…كيف لا!!!وهي تشعر أن قلبها تحطم وانتشرت شظاياه في كل مكان .
لم تتخيل أنها ستكون بالنسبة له مجرد دميةٍ بضفيرةٍ ذهبية يحركها بخيوطٍ ربطها بإحكام حتى كادت أن تخنقها …
أُجبرت على حفظ وتكرار ما لقنها به من جملٍ ومعتقداتٍ…
ورسم لها حدوداً كبلادٍ مُستعمرة!!!!
وأثقل كاهلها بمعاجمَ لتفسيرِ دساتير قد وضعها.
كيف لفرسٍ أصيلةٍ بضفائرَ ذهبيةٍ مجعدة أن تقبل اللجام ؟؟؟؟؟
هي لم تُخلق لتُوأد …ظنت أنهما معاً سيجعلان المستحيل خرافةً….وأنها وُجدت لتكمله ويُكملها ويكونا معاً كدفتي كتابٍ لحياةٍ يدونا تفاصيلها …
أتقبع في شرنقةٍ وهي التي شرعت أجنحتها لتطير معه في سماء الحياة؟؟؟؟؟!!!!!
أتغوص في رماله المتحركة؟؟؟؟؟
أتكون تلك الدمية الجميلة بضفيرتها الذهبية المجعدة ؟؟؟؟
علت زوبعة أفكار في رأسها المتعب ظنت أن الزوبعة ستقتلع جذورها وتفتتها لتحيلها لكومةِ أغصانٍ مُكسرة.
ساد السكون فجأة للمرة الثانية وأطبق بإحكامٍ على كل شيء
كانت لحظاتُ سكونٍ طويلة بطول ضفيرتها وشعرها الذهبي المجعد ..
لم يقطع ذاك السكون سوى صوت مقصٍ يرتجف بارتجاف أصابعها النحيلة ليحصد سنابل شعرها الذهبي المجعد…وصوتها الذي شق الصمت بنصله وهي تقول بثقةٍ ….لم أعد ذات الضفيرة……..
نوال حسن حمش
سوريا…..
قد يكون فن ‏زهرة‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة