Translate

الثلاثاء، 7 يونيو 2022

الهاربة أحمد المودن - المغرب

 



الهاربة
قالت لي:
- البس ملابسك بسرعة ، وهيا بنا لننصرف قبل أن يعود...
سألتها ببراءة:
- من؟...من سيعود؟...ومن أين سيعود؟
فردت علي وهي تجمع ملابسها على شكل كومة:
- أبوك...علينا أن نخرج قبل عودته من السوق...
استحوذت علامات الإستفهام على مخي البريء، فسألتها من جديد:
- أمي، تبدو المنطقة المحيطة بعينيك زرقاء، رغم الكحل، وكذلك خدك، من ضربك؟...هل ضربك أبي من جديد؟...لماذا يضربك باستمرار؟
تبكي كطفلة صغيرة...ثم تنصرف إلى غرفة أخرى...
أتبعها، وأنا أمسك بتلابيب قفطانها:
- لماذا ضربك يا أمي؟
تتصنع ابتسامة، ثم ترد:
- لا، لم يضربني أبوك...فقط كنا نمزح فأصابني في عيني...ضَرْبُ الخطإ فقط...
- إذا كان الأمر كذلك، فلماذا إذن تستعدين للهرب مرة أخرى من المنزل؟!
- ستعرف كل شيء حينما تكبر يا ولدي...هيا...هيا لنغادر البيت حالا، سنذهب إلى منزل جدك بمدشر آخر بعيد...
طبعا ليست المرة الأولى التي أرافق فيها أمي إلى بيت جدي الذي يبعد عن بيتنا بعشرات الكيلومترات...فأنا تعودت على ذلك بعد كل خصام يحدث بينهما...أبي رجل مرح جدا مع الناس، لكنه عنيف جدا مع أمي، بل حتى معنا أيضا، حينما يريد مداعبتنا يعضُّنا عوض أن يقبِّلنا...فهل هو يعض أمي أيضا؟
تساءلت مع نفسي وأنا أغلق الباب خلفي...
أمي تحمل فوق رأسها قفة مصنوعة من الدوم، تماما كما تفعل عند ذهابها لحضور عرس أو عقيقة أو حفل ختان...أكيد أنها تحاول إخفاء قضية هروبها من المنزل عن سكان المدشر، بدعوى ذهابها لحفل بمدشر أبيها...هذا ما تأكدت منه وأنا أسمع أجوبتها على أسئلة نسوة المدشر...
كان لدي إحساس بالرجولة رغم صغر سني، صحيح أنني لم أتعد السادسة من عمري بعد، ولكنني اليوم حارس أمي، بل مجرد تواجدي إلى جانبها يعطيها إحساسا بالعفة والطهارة، كما يمنحها الشجاعة لقطع الغابة التي تفصل بين المدشرين. وما أوحشها من غابة!
يبدو أنني أصبحت كبيرا في نظر أمي، نعم سأدافع عنها إن اعترض سبيلها لص أو معتدٍ، سأقطعه بشفرة الحلاقة التي أخفيها بجيبي...انا بطل...يجب أن أثبت لأمي أنني أصبحت رجلا...ولم لا؟! ...فقد كسرت أسنان إبن عمي قبل يومين، حينما حاول سلبي ما سرقتُه من بيض للعمة رقية...أنا بطل خطير...نعم يمكنك الإعتماد علي يا أمي...
هكذا كنت أهذي مع نفسي، وأتحدث إليها وأنا أسير خلف أمي.
فجأة تغيرت الأحاسيس، بل ومباشرة بعد التوغل في الغابة...عم السكون، إلا من صوت نعالنا التي تطأ الأرض، أو تغريدة متقطعة لطير...
بدأ الخوف يسيطر علي، خاصة حينما نصحتني أمي قائلة:
- لا تلتفت إلى الخلف، حتى لا يصفعك جني أو عفريت...
كدت أفعلها في سروالي، لولا أنني قاومت...
تذكرت ما حكاه لنا الفقيه يوما عن تواجد قطاع الطرق بالوادي وسط الغابة...تساءلت مع نفسي: كيف سأتصرف لو أن أحدهم حاول اعتراض سبيل أمي، او اغتصابها؟
رسمت خطة: سأقترب منه وأنا أبكي...سأمثل عليه دور من يستعطفه، ثم أجرحه بموس الحلاقة...نعم، حينها فقط سيهرب...ثم سنهرب نحن كذلك....
طريق الغابة طويل جدا، وكأنه لا نهاية له...الخوف يكبر بداخلي...
بحركة خاطفة، مررت أمي بأصبعها على أنفها طالبة مني التزام الصمت، يبدو أنه هناك أصوات لرجال يتحدثون...أنا لم أشاهد أحدا بعد...
فجأة يظهر رجل يحمل على كتفه لفافة بها قنب هندي...ثم يظهر خلفه آخر...بل سرب من المهربين...فقدت السيطرة على جهازي العصبي، فبللت سروالي...
بذكاء ناديت بأعلى صوتي:
- أبي...أبي...الحق بنا بعد قضاء حاجتك...
كان الرجال يحيوننا، وهم يسيرون بشكل متباعد، سألني أحدهم:
- ألم تصادفوا يا ولدي رجال الدرك في الطريق؟
بسرعة أجبته:
- لا يا عم، لم نصادفهم...بل حتى الرجل الذي ستصادفونه في الطريق فهو أبي...لا تخافوا منه...
- خدعتهم بذكائي، ألم أقل لك يا أمي أني رجل ؟!
ابتسمت أمي، وقبلتني...أصبحنا أكثر شجاعة...بل أنها حكت لي عن شجاعة أبي وجدي...
أخيرا ظهرت منازل مغطاة بالقصدير، سألت أمي عنها، فقالت لي:
- ذاك مدشر جدك...لقد اقتربنا...
تساءلت مع نفسي كيف سيكون رد فعل أبي حينما يعود من السوق ولا يجد أمي بالبيت؟ من سيقلي لإخواني السردين؟ من سيحلب البقرة؟...
حينما وصلنا إلى مدشر جدي كانت مفاجأة تنتظرنا هنالك: بهيمتنا مربوطة بشجرة قرب البيت!
أنا لا أصدق عيناي!
كانت الأبواب مفتوحة...دخلناها بعد دق خفيف، لنجد أبي يجلس صحبة خالي على حصيرة وهما يشربان الشاي...
قبلت أمي يد أبي، ثم يد خالي، وكذلك فعلت أنا...
بعد لحظات، اكتشفت أن أبي مر مباشرة من السوق إلى دار جدي، وكأنه كان يعرف نوايا أمي...نعم لقد سبقت شكواه شكواها، فانتصروا له، لنعود في المساء جميعا إلى بيتنا...أبي يركب على البغل، وأنا ملتصق بظهره ، أما أمي فقد كانت تتبعنا ماسكة بذيل البغل...
أحمد المودن - المغرب

هدايا أبي د. ابراهيم مصري النهر مصر

 



هدايا أبي
تعلم أبي في صغره القراءة والكتابة وحفظ السور القصيرة من القرآن الكريم في كتاب القرية بمنزل أبيه، وكان ذلك من حسن حظي فقد صبه في قناتي، ودخلت المدرسة أحفظ الحروف الهجائية وقصار السور والأرقام من واحد إلى مئة، مما جعلني متميزا عن أقراني منذ الصغر...
أذكر في يوم دخلت عليه عند عودتي من المدرسة وأنا ما زلت في الصف الأول الابتدائي، أثناء تتناوله وجبة الغداء مع صاحب له، رحَّب بي وأفسح لي المكان بجانبه على الطبلية؛ تناولنا الغداء، وجلست بجانبهما وهما يحتسيان الشاي منحنيا أكتب الواجب المنزلي، وضع أبي يده على ظهري وقال لي: اقرأ علينا ما تكتب، فقرأت عليهما: لا لا يا حازم، لا تشد ذيل البسبس، بسبس غضبت....
سُرَّ أبي كثيرا وربَّت على ظهري، ووعدني أنه سيشتري لي هدية.
قلت له: أريد ساعة.. كنت قد رأيتها في يد أحد المدرسين بالمدرسة.
قال: سأكتب لك عددا لو قرأته سأشتري لك ساعة، وكتب عددا من أربعة أرقام، وتبسم ابتسامة متحدٍ.
وكانت المفاجأة السارة لأبي أني قرأته من أول مرة ولم أتلجلج أو أتلعثم...
في صباح اليوم التالي ذهبت مبكرا إلى المدرسة، وعند عودتي وجدت أبي ينتظرني أمام البيت ويلوح لي من بعيد بعلبة في يده، نزلت من على ظهر حماري أركض نحوه، تحدوني الفرحة والسعادة وأنا أهلل وأصيح: ساعة، ساعة، أبي اشترى لي ساعة.....
وما أن وصلته إلا ورفعني عاليا وأعطاني العلبة؛ احتضنته، قبَّلته، شكرته، ثم فتحتها؛ إذ بساعة فضية اللون مينتها كزرقة السماء.
لا تدرون كم كانت سعادتي بهذه الساعة، وكم كانت وقودا وزادا لي في مشوار حياتي.....
لبست الساعة في معصمي الأيسر الدقيق بعد أن ضيَّقها لي أبي على مقاسي، وأخذ يعلمني فيها، ووقت العصر ذهبت خلفه منتشيا إلى الغيط مشمرا ذراعي الأيسر، وواضعه على صدري ليرى ساعتي كل من هم في سني من أبناء قريتي...
وفي الصباح لليلة كليلة العيد؛ طويلة قد قُيِّدت نجومها، وتوقفت عقارب ساعتها، صباح انتظرته على أحر من الجمر،
ركبت حماري؛ أهز قدميَّ، أستعجله، أنخسه، أحثه على السير، ألملم كل مشاعر فرحتي، أحبسها في قفص الصدر كي أفرغها عند وصولي الفصل...
وصلت الفصل مزهوَّا مبتهجا والتف حولي كل الفصل؛ منهم من ينظرها، ومنهم من يستأذنني أن يضعها في يده دقيقة، وعندما وصل مدرسنا أخذها وتفحصها وكان مبهورا بها...
في الفسحة خلعتها خوفا عليها لألعب الكرة، ووضعتها في حقيبة كتبي، وبعد انتهاء الفسحة هرولت إلى حقيبتي هرولة المشتاق إلى محبوبته، كانت الصدمة؛ لم أجدها، بحثت عنها في الفناء، سألت الزملاء ولكن دون جدوى!
عدت إلى البيت تملأني الحسرة، أجر أذيال الخيبة، لا أريد للبيت أن يقترب خوفا من عقاب أبي....
وما أن اقتربت من البيت ورأيت أبي إلا وسالت دموعي على وجنتيَّ.
فكانت المفاجأة؛ لم يسألني عمَّا حدث، بل أهداني هدية أخرى أغلى وأثمن من الهدية الأولى آلاف المرات....
عندما مسح دموعي وقال لي: فداك.
د. ابراهيم مصري النهر
مصر

ليلة الجحيم د.سلوى بنموسى / المغرب

 


ليلة الجحيم
مازالت تتذكر ألمها وحزنها وارتباكها ؛ وويلاتها ودموعها وكأن الحادثة قد وقعت للتو ..
يعود بها فلاش باك لليلة حمراء ؟! ضجيجها يشد الآذان ..
وصراخها الداخلي يعلي الأفق ومع ذلك ؛ لا يسمع له لغي أو أثر
لم تستجدي دموعها وتوسلاتها ..
وركوعها ومناجاتها وطلبها ودعواتها ..
لذاك الكائن الجامح المفترس . الغليظ القلب . انها ترتعش بين يديه مسلوبة الإرادة ؛ معنفة وكحقيرة ينهش لحمها ويفض بكارتها ؛ بكل تنمر ووحشية وسب وشتم وضرب تقول : رباه أرحني من هذا العذاب أ أستحق هذا المصير ؟ ولم أنا بالذات ؟
انني غير مستعدة لهذا الرباط الغليظ . لم يستشيروني أهلي ولا أخذوا موافقتي ؛ كلامهم يمشي حد السيف على رقبتي !! ألا سامحهم الله تعالى ؛ بدعوى أنهم يعرفون سعادتي ومستقبلي أحسن مني ؟ وأي مستقبل هذا.. وهذا الغريب يجردني من عفتي وآدميتي وانسانيتي .
ويقفل النوافد والابواب.. ويستهلكني كلقمة سائغة متى اراد الترويح عن نفسه واخراج مكبوتاته الذكورية .
ولا يهمه البتة شعوري يا أنا التي تحس بالخزي والعار وكزانية حقيرة ؛ مهمشة ومضروبة على قفاها ليس بيدها حيلة ؛ حتى ابعاده عن روحها وجسمها الطري. .
تبا للأعراف التي تجعل منها دمية وأضحوكة ! وتنزع عنا لباس الوقار والطيبة والعنفوان
ماذا كان سيحصل ؟ إن تفهمها . ومنحها مزيدا من الوقت . وطمأنها على روحها وحياتها ؟ لا لا قطعا لا فالسي سيد نصب أمره وليا عليها وربما حتى على انفاسها ودررها !؟ تتسائل : اليس هذا اغتصاب حسب المسطرة القضائية لكونها لا تريد ..
ولأنه يأخذ حقه كما يدعي بقسيمة الزواج ؟
واي بند يبيح له ويسمح أن يضرب ويشتم ويزبد ويلعن ؟ آه منك يا زمان ! لو استطاعت الانفلات من قبضته الفولادية وهربت ..وهربت ..
قال : سيعيدها لبيت الزوجية رغم أنفها . فالقانون لصفه ؟! فأي قانون لا يجعل المرأة تكمل دراستها ؛ وتختار هي بنفسها شريك حياتها ؛ يحترم كيانها وأحلامها وآدميتها .
أنهكتها الذكريات الأليمة ؛ فغطت اللحاف على وجهها الحزين ؛ وبدأت تحلم وتحلم بغد أروع لبنات جنسها فلربما تكون هي كبش الفداء وهن لا لا قطعا لا.
لاتريد لهن الا كل خير . فحياتها لا تسر عدو أو صديق
كان الله تعالى في عونها وعون مثيلاتها اللواتي سحقن تحث الاقدام . وضاعت كرامتهن وإنسانيتهن .
د.سلوى بنموسى / المغرب

النباش قصه قصيرة محمود عبد الفضيل مصر

 


النباش
قصه قصيره
محمود عبد الفضيل
مصر
جلس الزنفلي امام المقابر يدخن سيجارته المحشوه بنبات البانجو المخدر و بيده الأخرى زجاجه من البيره في هدؤ ليلى بديع لا تجده الا في تلك المنطقه و هي منطقه المقابر في جو صيفي وليله قمريه جعلته يجتر ذكرياته في ذلك المكان
ولد زنفلي في تلك المنطقه وعاش فيها مثله مثل الالاف الأسر الفقيره التي لا تملك ثمن السكن فوجد الملجأ في السكن في هذا المكان الذي وصلت فيه العشوائيه الي درجه النظام
ترعرع في مكان مفعم برائحه الموت يستيقظ كل يوم على عويل السيدات و صراخ الثكالي و انات الأيتام
يتكرر نفس المشهد امام كله يوم عده مرات و لكن تختلف الوجوه
لم يجد زنفلي للموت هيبه لانه يشاهده كل يوم فأصبح مالوفا لديه
بل كان وجود حاله دفن او زياره المقابر بالنسبه له و لاقرانه من سكان المكان هي بمثابه الفرج حيث يحمل الزوار المخبوزات و العيش باللحمه و الفواكه و خاصه اليَوسيفي لتوزيع ها على سكان المكان من الأطفال رحمه ونور على المتوفي
وتزداد الزيارات ايام الخميس من كل أسبوع و الأعياد
خاصه بعد صلاه العيد فكان لا ينام في تلك الليله انتظرا لتلك الوفود التي تحمل ما لذ و طاب للأطفال المشردين في هذا المكان
ولما شب على الطوق لم يعد انتظار الطعام و الأموال البسيطه ترضى احتياجته
فبدا مع بعض اقرانه من شباب المقابر والذين يعانون نفس معاناته من عدم تعليم و فقر مدقع و تطلعات للغد الذي لا يأتي تكوين تشكيل عصابي و جعل منطقه المقابر مسرحا للعمليات لكل انواع الجريمه
فكانت البدايه في السطو على كل من يمر بالمقابر ليلا و الاستيلاء على موبايله و أمواله وكان الصيد الثمين بالنسبه لهم هو اصطياد المحبين و العاشقين حيث التواعد بين المقابر المتعه المحرمه
فبعد ان يتركوا العاشقين للدخول الي المناطق المظلمه و البدء في الممارسه ينقض عليهم زنفلي و رفاقه و يتم الاستيلاء على كل متعلقات الحبيبين ثم ترك الرجل يهرب و يتناوبون الاعتداء على الفتاه او للسيده بطريقه جماعيه و مهينه مع تهديده في حال الابلاغ سيتم فضحها
بعدها تم تطور التشكيل في اعماله فأصبح على علاقه بتجار المخدرات لتخزين المخدرات داخل المقابر المهجوره التي لا يزورها احد منذ زمن بعيد و التي لا يعرف سكان المنطقه مالكيها مع فتح دولاب لبيع المخدرات و إعطاء حقن الماكس فورت للمدمنين
كما كان للزنفلي ورفقائه مساهمات كبري في مجال الطب و البحث العلمي بدايه من توفير الجثث و قطع الغيار البشريه لطلاب كليه الطب لدراسه ماده التشريح الانتومي والأبحاث العلميه
مرورا بالتنسيق مع بعض المراكز لتوريد المدمنين الراغبين في التبرع بالأعضاء البشريه و الدم لتلك المراكز
وكان للزنفلي ورفاقه جزء داعم في توريد مستلزمات الاعمال السفليه للسحره و المشعوذين واختفاء الأعمال السفليه في المقابر مقابل مبالغ ماليه
لم يفق للزنفلي من تلك الذكريات الا عندما لسعت السيجاره يده ايذا بانتهائها و عندما هم باخد جرعه من البيره و جدها أيضا نفذت
وقتها غمضت عيناه ولم يقم
فكشفنا عنك غطائك
فبصرك اليوم حديد

...قدس... .... بقلم / أركان القيسي جمهورية العراق....

 



...قدس...
مرحبا أمي كيف حالك؟ ها أنا قد عدت من المدرسة
الأم: أهلا بك بنيتي لقد سررت بعودتك
أمي المعلمة طلبت منا أن نحفظ قصيدة ( سنقاوم)
الأم: حسنا يا قدس سنحفظها ليلا
إذن يا أمي بعد الغداء سأكمل واجباتي
وبعدما حل المساء على عجل وبُعيد صلاة العشاء تجلس قدس مع أمها لحفظ القصيدة، فكانت القصيدة ملتهبة بمشاعر المقاومة وفيها حماس عظيم، تطالع قدس وجه أمها وإذ بدموع الأم تنهمر؛ لتسقط على عبارة في القصيدة (ودموع الثكلى تناشدكم) تألمت قدس كثيرا وتذكرت يوم استشهاد أخيها إبراهيم بانتفاضة محمد الدرة....
فعانقت أمها وهي تبكي، أمي اعذريني قد زدت من أوجاعك الأم: لا عليك يا قدس أوجاعنا شرف لنا
وبعد هذا الأسى نامت قدس ليلتها بأحزان أمها المفجوعة
وفي المدرسة صباحا يختنق صف قدس بأصوات التلاميذ وحناجرهم تدوي بأنغام النشيد
المعلمة تثني عليهم وتشكرهم ثم تطلب من قدس أن تقرأ النشيد بمفردها
قدس: وبكل سرور يا معلمتي أخذت تقرأ وبصوت شجي يلهب المشاعر وإذ بدموع المعلمة تنساب على وجنتيها ونحيبها يتصاعد حتى هوت على قدس تقبل رأسها
ثم واستها على مصابهم الجديد بسجن والدها في سجون الإحتلال لمدة عشرين سنة
قدس: لا عليك يا معلمتي أبي فداء هذا الوطن
فراحت المعلمة
و راحت تصفق لشجاعة قدس وحسها الوطني ومعها التلاميذ يهتفون لقدس وللوطن
وبعد انتهاء الدوام عادت قدس للبيت
الأم: أهلا بك يا قدس خبريني بنيتي ماذا حصل معك في المدرسة؟ فأخبرتها بكل شيء
الأم: تفرح بما تسمع نعم يا قدس هكذا تكون محبة الأوطان
وبعد أسبوعين وفي يوم الجمعة تتفاجأ أم قدس بقوات الإحتلال تطالبها بإخلاء المنزل لهدمه، فتصدم بهذا الأمر وحاولت منعهم دون جدوى حتى استخدموا القوة لإخراجها وسحبوها أرضا
قدس تبكيها وهي مفزوعة بما ترى وتجر خلفها حقيبتها وتحمل بيدها الأخرى صورة والدها
عندها أخذ شباب الحارة أم قدس من بين أيدي قوات الإحتلال وهي تصرخ [سنقاوم سنقاوم] لتمر الأيام ثقيلة عليها، حتى نزلت عند خالها السبعيني وزوجته المقعدة في بيت صغير وبقيت على هذا الحال لمدة شهرين وبين الحين والآخر تذهب لبيتها
فتراه ركاما من الحجارة فتزداد مأساتها
وفي يوم عاصف وصلت المختار أخبار سرية أن قوات الإحتلال تنوي اعتقال أم قدس
فأسرع لتدارك الأمر، وكلف مجموعة من الشباب لكي يخرجوا قدس وأمها إلى أطراف المدينة
وتم ذلك بحمد الله
عندها اعتقلت قوات الإحتلال خالها المسكين للتحقيق معه
وبعد تفاقم الأمور قرر المختار اخراجها وابنتها إلى الأردن نجحت المهمة أخيرا
لتصل قدس وأمها إلى العاصمة الأردنية وتسكنان مع عائلة فلسطينية مؤقتا
وبعد شهرين قررت أم قدس السفر إلى أمريكا حيث هناك أقاربها وتحقق لها ما تريد
لتلتحق قدس بعد ذلك بالمدارس العربية هناك وتكمل مسيرتها الدراسية حتى تخرجت مهندسة معمارية
وبعد مضي سنوات تعود قدس المهندسة مع والدتها والتي انحنى ظهرها قهرا على فراق الوطن
عادت قدس وبيدها ذكريات الطفولة، حقيبتها وصورة والدها لتقف أمام المنزل لتتفاجأ ببناء جديد وجميل لكنه مقفل
ليمر أحد وجهاء المنطقة ويسلم عليهما ويعرض المساعدة
شكرته قدس كثيرا، ولكن يا عم كيف أصبح هذا المنزل بهذا الشكل؟! ولم هو مقفل؟! ولمن؟ ضحك الرجل ثم قال لها
يا بنيتي بعد الإتفاقية الأخيرة وانسحاب المحتل من منطقتنا قرر وجهاء المنطقة بناء هذا المنزل بعدما كان مدمرا وأغلقوه حتى يعود أهله إليه
قدس: طيب يا عم ومن أهله؟
الرجل: المنزل لعائلة قدس وهم في المهجر أجهشت قدس بالبكاء ونزلت أمها أرضا للسجود
تعجب الرجل ما خطبكما؟! من أنتما؟!
رفعت قدس الصورة بوجه الرجل هذا والدي، تفاجأ الرجل إذن أنت قدس !!! نعم أنا قدس وهذه والدتي
عمت الفرحة بعدها المنطقة وتجمع الناس من حولهما وعرف زعيم الحارة بالأمر، عندها طلبت قدس من الزعيم زيارة المقبرة، لتزور قبر أبيها وأخيها
الزعيم _رحم الله والدك_ لقد مات في سجون الإحتلال وأخيرا عينت قدس في هندسه المباني في بلدية مدينتها وأول عمل قررت القيام به هو ترميم مدرستها الإبتدائية.
.... بقلم / أركان القيسي  جمهورية العراق....

الأحد، 5 يونيو 2022

قناديل الموت بقلم / أركان القيسي - العراق

 



قناديل الموت
ركبنا البحر ليلا على متن قارب صغير، بعدما أحرق النمرود البلاد والعباد وقال أنا ربكم الأعلى،لكن جشع صاحب القارب زاد من حمولته، حتى انتفخت وتورمت بطن مركبنا القاصر، اندفعنا سريعًا وراحت تلاطمنا الأمواج في وسط البحر الثائر، ونحن نلامس حروف الأمل تاركين خلفنا النار تأكل الأخضر واليابس إذ بالسماء تفتح أبوابها، والبحر تتحرك أصابعه غضبا يلتقمنا بفمه المظلم ثم يرمينا حطاما تناثرنا لا يعرف أحدنا بالآخر، وأنا في وسط الموج أرسل الله لي رحمة لوحا من بقايا حطام قاربنا، ركبته وأنا أحتضنه في ليل مرعب لا يختلف عن صور المعارك هناك، أصوات النساء وصراخ الأطفال وسماء تصرخ وبحر من فوقه بحر، بعدها لم أعرف شيئا حتى وجدت نفسي ملقيا على الرمال فجرًا، فتحت عيني على مهل، أزحت الرمل من على وجهي....
الهدوء والسماء صافية والبحر لا أسمع له ضجيجا قد هدأ روعه، تحوم فوق رأسي طيور بيضاء إنها النوارس، التفت يمينا وبجانبي تلك الخشبة صاحبت الفضل بعد الله تبسمت لها،ثم التفت شمالا عندها صدمت وفزعت لما شاهدت لملمت نفسي وجلست، تعجبت لما بجانبي إنه طير من طيور الجنة، جرفته المياه إلى اليابسة طفل بعمر سنتين تقريبا برقبته ملهايته وبقدمه اليمين حذاء أحمر والأخرى عارية أسرعت إليه رفعته من على الأرض، حاولت إنقاذه طبطبت على ظهره، عملت له تنفسا اصطناعيا دون جدوى، كانت بطنه منتفخة، أخيرا آمنت بالقدر وقبلت الأمر وحفرت له قبرا وكفنته بقميصي وصليت عليه ثم دفنته، وقلت له مخاطبا والدمع ينهمر بلل قبره، أخبر الله يا ولدي بكل من ظلمك وحرمك من حق الحياة، جلست على بعد مترين من القبر واليأس يصارعني انتظر النهاية ومن ياترى يدفنني أم أكون طعما لحيوان جائع؟! وقبيل غروب الشمس بدأ الجوع ينازعني، حتى راحت الشمس تتهاوى في كبد البحر، إذ بشعاع عينين عن بعد رماني وعواء ذئب أتعبه الجوع كذلك أنذرني، رجعت للوح مرة أخرى أحمله للمواجهة لكن قاطع الصحراء لم يأبه، وليت هاربا أهيم على وجهي لا أعرف كيف الخلاص؟
رمال الصحراء والليل قد أرعبني وضوء القمر تأكله الغيوم، فلم أجد مهربا إلا أنه صادفتني حفرة دخلتها بلا تردد ووضعت اللوح ببابها دفعا لذلك الذئب الغاضب، بعدها شعرت بشيء غريب شيء ما يلحس بقدمي كأنه لسن طفل، تحسست بيدي فإذا بجراء يبحثن عن طعام كأنهن لم يتذوقن الطعام منذ أيام، أزداد خوفي ذئب في الخارج وبيت مفترس آخر نزلته من دون أن أعرف بأي لحظة تعود الأم، بين الخوف والتعب وبين هذه الجراء ودفع الذئب بالخارج وقبيل طلع الفجر بدقائق غلبني النعاس ونمت جبرا، بعدها شعرت بماء نزل علي، فززت من نومي حاولت الخروج بعدما لاحت تباشير الصباح بعيني واطمأننت، فإذا بشباك صياد تخنقني، تفاجأ الصيادون وتفاجأت أنا ولكن فرحت أخيرا أبناء جلدتي ولا وحوش الصحراء
أخذوني إلى السيارة سقوني ماء وأطعموني وعرفوا بقصتي كلها، قالوا لي لا تقلق لقد نجوت من القوم الظالمين، ونجاك الله من فكي الذئب بعدها جاءت سيارة تجوب الصحراء فاجتمعوا تحت ظل شجرة مع أصحابي عن بعد مني، فأرسلوا لي خادمهم يقتادني من ذراعي لا أعرف ما الذي جرى؟!
أصعدني بحوض سيارتهم شعرت بقلق رأيتهم بعد ذلك يتصافحون ويتعانقون، ضحك الخادم وقال لي وا أسفا على أصحابك باعوك بثمن بخس
قلت لمن؟ قال للسيد منصور، ومن يكون هذا؟
إنه رئيس عصابة تتاجر بالبشر.
بقلم / أركان القيسي - العراق
قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، ‏نظارة‏‏ و‏منظر داخلي‏‏

ملاذ غير آمن بقلم / حميد محمد الهاشم - العراق

 قصة قصيرة:(ملاذ غير آمن).

أربعةُ (راجديات) في الثانيةِ ظهراً، بعد لفّةِ الفلافلِ في ذلك اليوم، تسعون جريدةٍ أو أكثر بقليل قد نفدتْ منهُ في الحاديةِ عشر صباحاً ،ولم يكن قد أكلَ شيئاً بعدْ، وقدْ كان فَرِحاً.. فرحاً جداً..، لكن صفعات مدرسِ العربي أفقدتهُ ذاكرةَ فرحةِ البيع ،نزلَ الراجدي ألاولُ كصاعقة تجدحُ على خدهِ ذات العلامة لخرمَوش قديم، المعضلة في الكوليرا، والمعضلة الأعظم في مدرسٍ لا يعترفُ أنه قد أخطأ ،أو نسى..ولن يعلل ذلك ولو بالسهو.
التلامذة منشدّون، لا مقطةَ تبري قلماً، ولاخربشةَ قلمٍ على ورقة.. سكوت.. بسكوت.. والأستاذ يتحدث:
_أن السيابَ..أ..أه.. هو من كتبَ قصيدةَ الكوليرا.
سكت الجميع ولم ينبسْ أحدٌ ببنتِ شفه. وما أدراهم من كتب الكوليرا أو الجدري والدرسُ أدبٌ وليس أحياءً، لكن الجميع ألتفتَ صوبَ صَوتٍ يأتي من الخلف.. بائع الجرائد..خجولاً لكنهُ واثقاً.. "أستاد.. أستاد.. هذا غلط أستاد، الكوليرا لنازك الملائكة مو للسياب".. كانت الصفعةُ الثانية بيمينهِ ،والثالثة بيسارهِ ، خابطةً الأنف مع العينين، جاءتْ الرابعةُ لتصدم جليس الصبي برأسهِ سهواً ،البؤسُ يشعلُ القلبَ، القلبُ يفيضُ، يبحثُ عن كلمةٍ تحملُ الفيضَ.
بؤسٌ ،و قلبٌ ،و كلمة، يقرأُ هذا في صُحُفهِ، صفحةُ الأدبِ والثقافة، يجدُ كلَّ ذلكَ في كل ذلكَ، أدمنَ قراءةَ الشِّعر في تلك الصفحات،قادهُ ذلك إلى معرفةِ فنونِ اللغة، أغوار اللغة، يتفوقُ في أولّهِ المتوسط على أقرانهِ، كان قد أنسابَ خيطُ دمٍ من أحدٍ منخريهِ، فيما انحدرت دمعةٌ من عينهِ التي أحْمَرّت؛ وهذا دفع كُتلةَ مخاطٍ صغيرةٍ بأنْ تغادرَ من التجويفِ الثاني ؛ لتخرج بجوارِ خيطِ الدم.. دمعةٌ.. قطرتا دم.. ومادةٌ دبقةٌ، كرفهما بكُمِّ قميصهِ بمسحةٍ واحدة. "أخرجْ يا ولد وأغسلْ وجهك" قال الأستاذ.
هرولَ بائعُ الصحف، من الصفِّ إلى المغاسل البائسة، ومن هناك قافزاً جدار المدرسة ليصبح فوقَ الرصيف،الملاذ الأخير،تاركاً خلفه كتبهُ تحضنهما ثلاثة جرائدٍ لم تُشْترَ بعدْ، اليومُ التالي صحفٌ دون مدرسة، اليوم الآخر صحف ودرسان فقط ،حيث قفزَ صبينا من الجدار إلى الملاذ الآمن.
اليوم الثالث:
_أبي لا استطيع الذهاب.
دون أن يلتفت إليه أبوه وهو يداعبُ زجاجةَ الموبايل.
_لماذا.. لماذا.. حسناً.. أعملْ معي بعد الظهر.
صمت الصبي، تحسّرَ في وجهِ أبيهِ.
_كلا.. كلا.. سأعود إلى المدرسه.
يومان بسلامٍ وهدنة يشوبها القلقُ بين استاذ اللغة وبائع الجرائد، ليس طيباً أستاذهم فيعالج الحال العليل هذا، أو العلة في هذا العليل، وها هو درس آخر، سهو آخر،فما عسانا أنْ نقول سوى ذلك. يدخل مشرفٌ أختصاص...(وثمة واوٍ ) لم تُحذفْ، قدكتبها الاستاذ الدايخ، رغم القوة الحاذفة المرابطة قبلها مباشرة، ولم يكن المُشرفُ يدري أن الديخ هذا، هو الفاعل، ربما أحد الأثنينِ والخمسين تلميذاً قد تساهل مع هذا الواو اللعين. وننتظر المصادفة الطيبة.
_أنتَ أبني.. أبو القميص المقلّم.. أين الخطأ في.....؟
أبو القميص المقلّم ، لم يكن بالطبع إلاّ (بطل قصتي).. بائعُ الصُحف،وذلك من وحي الصُدفةِ التي تصنع أحياناً ثروةً للبعض،أونجوميةً لبعضٍ آخر ، أو حتى تُهزمُ أو تنصرُ جيوشاً بأكملها، وها هي تُوقفُ هذا الصبي المسكين الذي لايبحث الأّ عمن يشتري بضعةَ جرائدٍ منهُ، تُوقفهُ أمام أحد طغاة عمرهِ الصغير، أستاذهُ العتيد، فماذا يفعل والمشكلة ليست في الواو وأنما ما بعد القضاء على الواو. أحتار الصبي.. التلاميذ ينظرون ماذا سيفعل (مثقفهم)، والأستاذ أصفرّ وجههُ، والمشرف يريد جواباً.. ثم:
_آ.. أ.. اس.. تاد.. الواو في يبدو.. يجب أن يُحذف.
خزره مدرسهُ، عينان حمراوان، أخرجَ كلّ منها طرف لسانهِ ليمسح شفتيه اليابستين، كلِّ لهُ صحراؤهُ و جفافهُ. يخرج المشرف لتنهال سياط الخيزران على راحتي المسكين.
للأستاذ ثمن يحميهِ، واحدةٌ على مفاصل راحتهِ، أخرى على متنهِ، وآخرى على ظهره.
جلس الصبي باكياً، جاثياً على ركبتيهِ. هدأت العاصفة.. "هيا أخرجْ يا ولد وأغسل وجهك من البكاء"،..مهرولاً من الفصل.. المغاسل الكئيبة.. متسلقاً الجدار.. الرصيف الملاذ.
سبعةُ عشرِ عاماً مرّت، بينما أنقّبُ في الذكريات، لعلي أكتبُ شيئاً، التلفاز أمامي، مؤتمر لرئيس الوزراء، بيان صحفي وزِعَ على حشدٍ من الصحفيين ، هكذا.. شاب يقارب الثلاثين.. يفاجئ الجميع :
"عفواً دولة الرئيس.. سؤالي ليس في السياسة.. أنما في.. لغتنا الجميلة.. دولتكم لم تحذفْ حرفَ علّةٍ واحدٍ أبداً.. والمعلول كما هو..لا شيئ قد تغير.. لاشيئ، لاشيئ"
أحمرّت عينّا الرئيس..!
أحمرّتْ أشياء أخرى..!
...... لم يتسلقْ ذلك الصحفي الجدار، بيدَ إنهُ وجدَ نفسهُ فوق الرصيف.... !!!
* القصة فائزة بالمركز الأول في ملتقى السرد الروائي/ محور طفولة مهددة
*(الراجدي:صفعة على الوجه)
بقلم / حميد محمد الهاشم - العراق
قد يكون فن ‏‏٤‏ أشخاص‏

إطلالة جسد بقلم / عصام الدين محمد أحمد


 إطلالة جسد

تهطل الأمطاربالخصب على جميع الحقول إلا حقلي،تذر الرياح حبوب الطلع لتلقيح كل النخيل إلا نخيلي،قال شيخ القرية:
طاردت اللعنة أرضك ؛ استوطنتها الشياطين؛والعلاج إضرامها بالنيران المتأججة.
تكومت أطنان الحطب الجاف ؛بزغت مئات المشاعل المتوهجة ؛وبقيت الأرض هى ذات الأرض.
قال عراف الجبل الغربى :
أوقعها السحر فى شراكه، التهمتها نظرات الحنق والغيظ، والترياق:إغراقها بالنهر .
أمسكوا بضفتي النهر لدلق مياهه ،اغتسلت أراضي القرية إلا أرضي .
استحالت أرضى ظاهرة فقهية،سرعان ما تكالبت على دراستها الجامعات وهيئات البحث،ملايين من العينات والدوارق والأوراق ،النتيجة تكثيف التجارب البحثية،استهلكت أرضي حياتي؛ لو سُرقت أوتزحزت أونضب معينها ما أعتراني من شأنها شيء ؛ أتذكرحينما ألج كهف الهموم :
( العمر تعدى العقد الثالث بأربع من وحدات الزمن ، تفحم أخواي ونجا الثالث بتصاريف القدر، اكتحلت جلودهما بكل الألوان ؛ بثور ، نتوءات ، تقيحات ، دم متفحم ، شعاب قزحية متورمة .
دموع أمي الفياضة لا تندمل أو تلتئم ؛ أنين أبي الحائر يجمرني .)
بارت أرضي ، تزدان الدار بالنعيم المقيم ،ذاع صيت أخي التاجر فى أرجاء المعمورة ،اعتاد الموقد أن لا ينطفئ أبداً،صار أمر زواجي شغله الشاغل، تستغرقني المرآة طيلة اليوم ؛تنساب الخيوط الرقيقة فوق رأسي فى عفوية ، تكتسي بشرتي القمحية حمرة الخجل ، تترقب من يفض بكارتها ، أتحسس استدارة أردافي الفجة ؛ لا ينقصها شيء عن باقى الأستدارات.
تحط الرحال ؛ترحل الوفود ؛وصوري تملأ الجيوب ، أتموضع جالسة ،مضجعة ،واقفة ، ينشر المساء أجنحة الظلام الوارفة ،يعكف أخي الثري مهموماَ؛يشغله شأني ،يحيط به الشيخ الكهل والعراف الغربى ، بسمل الشيخ وحوقل وتلى المعوذتين ،ينثر حبات البخور واللبان والحبهان فى المبخرة ــ المدفأة ــ الطينية،أفرغ العراف كيس الأحجية، تفتق ذهنه المشغول عن حيلة بذخية، طير الاعلانات على أجنحة الصحف اليومية،أقرأ مواصفات العريس المرتقب،استحضرت مشهدًا تسجيلياَ :
ذكور النحل تتماوت ،يستأثر الأقوى بالملكة المتمرجحة فوق أجنحة الشغالات.
تأخر أخى عن موعد عودته المعتاد،التاع القلب قلقاَ،أطبقت ذوائب الاكتئاب على جوارحي،تجتاحني الأفكار:
ماذا لو مات ؟
سألطم الخدود ؛ ولكن كيف الحياة بعده ؟
لم أتخيلها بعد .
عاد ليتخلص من الأرض الموبوءة، تتعملق سيارات النقل،تكوم جبال الرمل والزلط ، تلد الخراطيم أنهار المياه ، تبدلت الأرض قصراَ،اعتكفت فى الركن الجنوبي ، أحيك جوارب الشتاء،أدع التطريز ،أهيم بمفاتنى غزلاَ، أستجدي العطاء من بئر جف ينبوعه، أتمرغ فى أتربة الزمن المتخثرة، توجتني السنوات بالكرمشات، أهرع إلى إطلال البدايات،أتموضع خلف مقام الست عزيزة ،أهب صندوق النذور بقايا جسدي، تتكسر المرآة ،أهذي:مدد يا بائعة الكرامات .
تمت بحمد الله
بقلم / عصام الدين محمد أحمد

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة