Translate

السبت، 24 ديسمبر 2022

في بالي بقلم الشاعر المبدع / محمود فوده - مصر

 في بالي

يا غــايب عن عيونــــي
ليــه بُعـدك عنــي طــال
ذابت روحي وجـفونــي
ومفيش منـــك ســـؤال
----★----
إرحــم قلبي في غيابك
فيه هموم تقل الجبــال
ليـه بس تســـد بابــــك
ولَّا بختــي اللــــي مال
----★----
أيـــــام وليـــــالـي مُـره
فيها دمـــــع الخـد سال
إسأل لو حتــــــى مَــره
عننــــا يا ابن الحــــلال
----★----
وحــداني القلب بَعـــدك
مشتـــــاق لك بالوصـال
لو طال في الغربه بُعدك
قول راجـــع يا احتـمال
----★----
مداري ليه في سكــوتك
وحارمنـــي م الحــــنان
نفسي أسمع بس صوتك
زي ما كـــنا زمــــــــــان
----★----
من فيــها اللي رمانــــي
فــي هواه وبقيت أسير
لو يرجـــــع تانــــي ليَّا
أخده في حضني وأطير
----★----
بس يفكـــــر شـــــــويه
لو كان على حبي باقــي
أفديه بروحـي وعنيـــه
ولا تغلى عليـه أشواقي
----★----
من ديوان دموع الحب
بقلم الشاعر محمود فوده
قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، و‏نظارة شمسية‏‏ و‏نص‏‏

البوابة - قصة قصيرة - للأديبة المبدعة / فوز حمزة

 البوابة

- قصة قصيرة -
فوز حمزة
مرت ساعة منذُ أن تم إيقافه في مخفر الشرطة.
اجترت ذاكرته أحداث اليوم السابق، والأسبوع الماضي، بل جاهد أكثر ليتذكر ما حصل الشهر الفائت.
استحضر صور أشخاص تحدث معهم، وجوهًا قابلها، أعاد مع نفسه الأحاديث التي تبادلها مع آخرين عله يعثر على شيء يدينه، لكن ذلك لم يأتِ بنتيجة.
صداع ألم به جرّاء هبوط السكري عنده في الدم.
مد يده في جيب سترته وأخرج حبات تمر يابسة، شعر بعد ابتلاعها كأنه يعانق الحياةَ ثانيةً.
رائحة العفن المنبعثة من الفراش، لم تمنعه من الاستلقاء عليه،في هذا المكان لا مزيد من الخيارات،
وهو يحدق في النافذة القذرة المكتسية بطبقة غبار كانت كافية لتمنع مرور أشعة الشمس من خلالها، أغمض عينيهِ مانحًا الصداع عذرًا ليرحل، لكن الأصوات القادمة من عالم مليء بالغموض،هي التي استحوذت على اهتمامه.
سمع وقع خطوات تتجه نحوه، اقتربت أكثر حتى شعر بأنفاس صاحبها. فتح عينيه في وجه شاب ملتح، انحنى يتفرس في وجهه قائلاً:
- إنت زين؟
نظر إليه بكل الدهشة التي يمتلكها قبل أن يرد عليه:
- كيف دخلت؟ لمْ أشعر بكَ!
- أنا مسجون مثلك، بس إنت ما انتبهت عليّ لما دخلت، شنو تهمتك؟
قال بعد لحظة صمت:
- تفاجأت بهم وهم يلقون القبض عليّ في الجامعة.
- أنتَ معلم بالكلية؟
انشغل عن الإجابة بالنظر إلى قميصِ الشاب المتعرق، رائحة أبطيه اختلطت مع رائحة المكان. شعر برأسه مثقلًا بأفكار يلفها الضباب، أخرجه مما هو فيه صوت الشاب يسأله ثانية:
- إنت شنو أدرّس؟
- التأريخ السياسي. فجأة، التمعت عيناه كأنه تذكر شيئًا.
سأله الشاب بقلق:
- إشبيك، ليش صفنت؟!
كأنه يحدث نفسه حينما قال:
- عندما ألقوا القبض عليّ، كنت أحاضر عن التاريخ المزيف الذي درسناه، عن الأكاذيب التي أجبرنا على تصديقها والتي ملأت رؤوسنا بالرماد. كنت أقول لطلابي: مهما جاهدنا للوصول إلى جزيرة الأمان، سيعيدنا التيار ثانية للغرق مادمنا لا نغير وسائل الإبحار. إننا كمن يحاول النجاة وسط رمال متحركة حتى إنني تذكرت كلمات أحد الطلبة عندما قال لي: نعم يا دكتور، العطشان يرى كل ماحوله ماءً، وقد لا يكون ما يحيط به سوى السراب!
التفت نحو الشاب فجأة ليسأله:
- لماذا أنت هنا؟
- تعاركت ويه واحد.
- كم مضى عليك في السجن؟
- منذ زمن طويل، انتظر المحامي حتى يخلصني. البارحة، كالولي اليوم هو موعد زيارته، بس تأجل الموعد أكثر من مرة.
تنبه الاثنان لصوت باب الزنزانة وهو يفتح من قبل الحارس الذي راح يهمس للشاب مبتسمًا وهو يناوله صينية الأكل:
- باجر يجي المحامي مالتك، ويخلصك، فقط التزم الصبر و .. ا .. ل .. ه .. د .. و .. ء.
حزن لسماعه الخبر،فقال موجهًا الحديث لزميل السجن:
- صارلي انتظر هذا المخلص أكثر من ألف عام، ما أعرف اشوكت يحن عليّ ويجي؟!
وهو ينظر للشاب،أحس إنَّ كل فكرة من أفكاره ماهي إلا محاولة لمصافحة مارد جبار حول معصميه، طوق من نار، شعور عميق بالغباء ترسخَ داخله لأنه ظنَّ أنه سيتمكن من ملامسة السماء بينما هو يقف على رؤوس أصابعه.
جال ببصره في جدران السجن المثقلة بظلالها والتي أخبرته ساخرة: أنت وتاريخك سجينا زنزانة واحدة.
فقدَ الرغبة في الحديث بينما كلماته وقفت في ثنايا أسنانه المتكسرة.
وهو يلتهم آخر حبة تمر وجدها في جيبه، نظر إلى الشاب الذي حمل صينية الأكل قابع في الزاوية البعيدة يتناول طعامه ونظرة تأمل نابعة من عينيه.
رفع رأسه إلى النافذة العالية التي سمحت لخيط رفيع من الضوء يخترق بصمت العتمة التي تفصل بينه وبين رفيقه، نور مفعم بالفضيلة، لكنه عاجز عن تبديد الظلمة.
ردد مع نفسه:
البحر يقلص شواطئه، بينما نحن ما نزال نبحر بزوارق من ورق!
.................................................................................
قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

ألمُ المَفاصِلِ ... بقلم الأديب المبدع / فريد المصباحي - المغرب

 ألمُ المَفاصِلِ ...

بقلم : فريد المصباحي/ المغرب

سرَق عِجلاً سَميناً فحَكم عليه القاضي بقطعِ يدِه ، لكن رأفةً به ، عُفيَ عنه بحُجةِ أنّه يُعاني من ألمٍ في المَفاصِل ، فقَدّمَ هديةً ثَمينةً للقاضِي جزاءَ تَسامُحِهِ وعَفْوِهِ !!!
بقلم : فريد المصباحي/ المغرب
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

رواسب بقلم الأديبة المبدعة / سعاد غانم - سورية


 رواسب

تسللتْ كاللّصةِ إلى المكتبةِ،استمعتْ لأبطالِ حكايا طفولتِها.
قالوا لها: انصهري؛فانصهرتْ،ثم انسكبتْ بقالبِ دميةٍ زجاجيٍ شفافٍ.
تلذذتْ،تعذبتْ،كرهتْ خوفٓها الدفينٓ في القاعِ .
عند أول شعاع ،تذكرت أنها وحيدة في البيت، مستندة على جدار من ورق.
سعاد غانم

أقفرَ الليلُ كلمات / متولي بصل دمياط - مصر


 

أقفرَ الليلُ

كلمات / متولي بصل

دمياط - مصر

 

أقفرَ الليلُ، وأعياني الدجى

وهمومي لا تنامُ وإن غفوتُ !

أين غاب البدرُ عني والنجومُ

أم أنا عن هذهِ الدنيا ارتحلتُ ؟

أيها الأموات في بطن الثرى

أخبروني هل لهذا الهمِّ موتُ !

قاتلَ اللهُ غرابًا أسودا

حامَ في الحيِّ فهدَّمَ ما بنيتُ

ثمَّ آب إليَّ ينفشُ ريشهُ

يطلب المالَ ويرجو ما ادخرتُّ !

أفقرَ الناسَ وأغنى نفسَهُ

ذلك المشئوم لا يثنيه صوتُ

ربما أغراه جُبنٌ كاذبُ

ربما قد ظنَّ أنَّ الحلمَ كبتُ

فيكَ يا ربَّاه ما خابَ الرجا

أنت يا مولايَ أكرم من رجوتُ

وبكَ استغنيتُ عن كل الورى

والتجأتُ إليك ربي واحتميتُ

ما الذي أخشاهُ إن أمَّنْت روعي

واستقمتُ على صراطك واهتديتُ



       كلمات / متولي بصل

دمياط - مصر

 

 

أقْمَرَ الليلُ كلمات / متولي بصل دمياط - مصر


 

أقْمَرَ الليلُ

كلمات / متولي بصل

دمياط - مصر

غازلَ الشوقُ فؤادي ورمى

فيهِ من جمرِ الهوى ما قد رمى

مذ رأت عينايَ في هذا الفضا

وجهَكِ الدرِّي يا بدر السما

صرتِ دائي ودوائي وجرى

حبُّك العذريُّ في قلبي دما

صاغكِ الخلَّاقُ من ياقوتةٍ

أم من الشهد المصفَّى واللمى

هامتِ الروحُ وأضناها الجوى

وبحبكِ أنتِ صرتُ متيَّما

فاعذريني إن كَبَتْ بِي لَوْعتي

فحنيني مثل سيلٍ قد همى

بيننا ما بين أجرام السما

والهوى يجتاحُ قلبي عارما

كيف إن أبصرتُ طيفَكِ ها هنا

وندى كفَّيكِ في كفي ارتمى ؟!

أقمرَ الليلُ وشطَّ بيَ الهوى

والنوى قد زادَ نفسي ألَمَا

 

كلمات / متولي بصل

دمياط - مصر

 

 

الجمعة، 16 ديسمبر 2022

شذرات من سيرة رجل لا يعرفكم بقلم الكاتب والأديب المبدع / عبدالكريم جماعي - تونس

 شذرات من سيرة رجل لا يعرفكم

بقلم: عبدالكريم جماعي.من تونس

تصدير:
( لم تكن امرأة بل كانت زلة قلب)
"الشاعر رحيم جماعي"
هل يستطيع الكائن البشري أن يعيش وحيدا؟ منطويا على نفسه مثل السلحفاة؟ حاملا همومه ومشاغله داخل قوقعته؟ راضيا بمصيره التعيس؟ مستغنيا عن علاقاته الاجتماعية؟ هاربا من مسؤوليته تجاه الآخرين؟
ليس بالخبز وحده يحيا الانسان..لكنّ بطلنا عاش به ولأجله..ربما واجهته أهوال في طريقه الى الحياة السوية..فاكتفى منها بما يشد عوده فقط..عرفته في اخر سنواته..كان حينها قد احيل على التقاعد من الوظيفة..بعد اعوام عديدة تنقل خلالها بين عدة جهات من الوطن..حتى استقر به الحال في مدينتنا..لم تكن له عائلة فهو لم يتزوج..مع تقدم العمر نسي الموضوع بتاتا..ليس لأنه غريب الاطوار..لكن بسبب علاقة حب قديمة لم تكتمل..جعلته يكره الجنس الآخر..عاش قصة حب رهيبة في بداية شبابه..علق عليها كل آماله..بنى عليها في خياله حياة مغايرة فيها دفء وسكن..راى فيها مستقبله باسما سعيدا.. ثم استيقظ على خبر اختفاء حبيبته فجاة..غادرته بلا رجعة..بحث عنها طويلا..دون جدوى..كأنها كانت محض خيال..هل من الممكن أن يختفي الانسان كالسراب؟
حاول استرجاع كل ما جرى بينهما..عله يعرف سبب هجرها له..لكنه للاسف لم يجد ما يشفي غليله..لم يحقد عليها رغم الجرح الغائر الذي بقي ينزف في داخله..!!
سألته مرة: (هل مازلت ترغب في رؤيتها بعد كل هذه السنين؟)
فاجابني بعد آهة طويلة:( لم اعد أريد منها شيئا..فانا نسيت جراحي القديمة..مع الوقت تعلمت أن أتجاوز..لقد سامحتها حقا ..الا أنه بقي سؤال واحد يقض مضجعي اتمنى ان تجيبني هي عليه...فلقد عشت فقط لأسمعه...وهذا السؤال هو...لماذا؟)
ثم استرسل كانه يهذي: (لقد كانت أيقونتي وأميرتي..رأيت من خلالها جمال الدنيا..ذقت بقربها حلاوة الايام..بنينا معا قصورا من الالفة والسعادة..كنت أخاف عليها حتى من النسمة ان تجرح خدها..دللتها كثيرا.. أهملت عائلتي واقاربي من اجلها..خططنا لزواجنا معا..وتعاهدنا على بناء العش بمودة ورحمة..)
سكت برهة ثم أضاف( كرهت بعدها النساء..لم تعد لي ثقة في البشر..قلت في نفسي مرارا..كيف بمقدور كائنة رقيقة كالفراشة..أن تصير خائنة للعهد..كنت أظن نفسي قد خبرت المجتمع فقد تعاملت مع شتى اصنافه..لم اجد صعوبة في اختيار الانقياء..لكن عندما التقيت محبوبتي أعطيتها الامان بلا تفكير فأخذت قلبي وهربت..داست على املي واختفت..سرقت مني سعادتي وتركتني للريح..!!
انعزلت عن الناس الا بمقدار ما يتيح لي ضمان العيش..قضيت اعوامي وحيدا..لا أنيس لي ولا رفيق..جربت بعدها علاقات عابرة لا تتجاوز حاجتي البيولوجية..أشبع رغباتي سريعا ثم اواصل حياتي بلا شغف او متعة..نسيت الزواج خاصة بعد تقدم العمر..تعودت على العزلة..حتى أصبحت جزءا مني..)
صمت فجأة..نظرت اليه.. كان مطرقا مهموما و يتنفس بصعوبة..كأنّ كلماته كانت تحبس مجرى الهواء..رفع عينيه فرأيته شاخصا في الفراغ.. محدقا في الفضاء بلا هدف..غادر مقعده بلا استئذان..كنا جالسين حينها في ركن داخلي من المقهى المعتاد.. خرج الى الشارع..مشى ببطء حذر كانه يتوقع حدوث شيء..كان فارع الطول مستقيم الظهر..دائم النظر الى الامام..مظهره يدل على شخص هادىء الطباع لكنه كان يغلي كالبركان..غاب في زحام الناس ولم يرجع الا بعد ايام..!!
لم يكن من عاداته أن يخبر احدا عن سر غيابه المفاجىء..يختفي متى شاء ويظهر متى اراد..لا يشارك الآخرين في مشاغلهم اليومية..يعيش كناسك.. مترفع عن لغوهم الساذج..مكتفي بحياته البسيطة البائسة..!!
اغتنمت في احدى المرات لحظات صفوه وسألته:( لم لا تعود الى ديارك وأهلك في العاصمة وترتاح من حياة الوحدة هذه؟)
فقال لي:( ليس لي أهل ألجأ اليهم..عشت يتيم الاب..شقيقي الاصغر هاجر منذ سنوات الى اوروبا ولم يعد..أختي الوحيدة متزوجة ولها عائلة كبيرة.. وتعتني أيضا بوالدتي..)
بلع ريقه وحدّق في عينيّ مباشرة..رأيت دمعة في أحداقه تأبى الخروج.. مسكني من ساعدي وهمس لي:( اسمع..لقد ماتت أمي منذ أشهر ولم أجد القوة والشجاعة لحضور جنازتها..بكيت عليها لوحدي..ناجيت طيفها في خيالي..طلبت منها ان تغفر لي وتسامحني..على هجراني لها..!
الآن فقط أصبحت أشعر بأنني يتيم رغم وفاة ابي منذ سنين طويلة..)
بقلم: عبدالكريم جماعي.من تونس
قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

ساخنٌ جدًا جدًا قصة قصيرة بقلم الكاتبة والأديبة المبدعة / فوز حمزة

 ساخنٌ جدًا جدًا

قصة قصيرة
شطيرةُ البيضِ المسلوقِ مع الطماطمِ والزيتونِ الأخضر إلى جانِبها فنجانِ شايٍ ساخنٍ جدًا جدًا هو فطوري المفضل، لكن ذهابَ زوجتي في زيارةٍ لبيتِ والديّها، هداني لفكرةِ تناول الفطور في أحد المطاعم لاسيما أنَّ التغييَر من وقتٍ لآخر أصبحَ حاجةٌ ماسة.
اتجهت لمطعم يقع عند ناصية شارعنا.
وجدتُ أنواعاً كثيرةً من الوجباتِ في القائمةِ إلا طلبي! ماذا أفعل لمعدتي التي تحفزتْ للأكلِ؟
نظراتُ النادلِ المصوبةُ نحوي جعلتني أُسرعُ بطلبِ شيئًا ما. شجعني على ذلك دفء المكانِ مقارنة مع درجة الحرارة في الخارج التي قاربتْ ثمانية تحت الصفر. قلت له بعد أن اقترب مني بناءً على إشارتي:
- أريد شايًا ساخنًا جدًا جدًا.
وأنا أسلمه القائمة أيقن أنَّني لن أطلبَ شيئًا آخر.
بدأت ذرات الثلج تتساقط بغزارة ومؤشر درجة الحرارة سجل انخفاض ثلاث درجات أخرى.
وأنا أرتشف الشاي الساخن جدًا، بدأتُ بالإنصات إلى صوت الموسيقى الهادئة أما الأنوار الخافتة والهدوء الذي عم المكان أغروني بالاسترخاء قليلًا والاستمتاع بما حولي قبل أن يُفتح باب المطعم ليدخل أربعة أفراد من الشرطة يتقدمهم ضابط.
بدأوا يتفرسون في وجوه زبائن المطعم الذين لا يتعدى عددهم الستة وأنا سابعهم. حضر مدير الصالة ليتحدث معهم، بعدها راحت نظراتهم تتجه نحوي.
تقدم الضابط وطلب مني ما يؤكد هويتي بينما بقية الأفراد التفوا حولي، وهو يعيد لي هويتي قال لي بعد أنَّ قلبها بين يديه:
- تفضل معنا.
تقدم شرطي وكان أطولهم واضعًا الأصفاد في يدي وسط ذهولي، فسألتهم بصوت كأنه ليس لي:
- إلى أين؟ هل هناك شيء؟!
كنت كمن يحدثُ نفسه.
كانت هذه هي المرة الأولى التي أركب فيها سيارة للشرطة، سألت الرجل الذي جلس على يميني:
- ما الذي فعلته؟ وإلى أين تذهبون بي؟
نظر إليّ نظرة كانت كافية لإسكاتي طوال الطريق.
في المخفر.. أمروا شرطيًا بوضعي في غرفة التوقيف لحين حضور الضابط المعني بالتحقيق معي.
وأنا أسير بجانب الشرطي الذي أحكم مسك يدي، أوهمت نفسي أن هذا حلما ليس إلا وساستيقظ منه، وقد أكدت لنفسي ذلك حينما وجدت نفسي وسط مجموعة من الرجال داخل غرفة ضيقة ومظلمة وكأنَّني أتفرج على مشهد سينمائي، الدقائق التي مرت أعادت لي بعضًا من اتزاني فبدأت أقول بيني وبين نفسي: إن هي إلا ساعات وأخرج، أكيد حصل خطأ ما، ربما في الأسماء...
حديث النفس قطعه عليّ رؤية أحدهم، تفرست في وجهه، إنَّه مديري في العمل، لطالما سرق جهودي ونسبها لنفسه، ماذا يفعل هنا؟ لم ينتبه لي إذ كان منهمكٌ في الحديث مع شخص كأني أعرفه، إنه خطيب زوجتي السابق الوسيم الذي كان يثير غيرتي وحسدي. الآن أنا أحسده أكثر من قبل لسبب لا أتمكن من البوح به. إن كان تواجدهم في هذا المكان صدفة فما الذي يفعله بقال حارتنا؟! صحيح أنه رجل جشع وهذه ليست نقطة الخلاف الآن، بل كنت احتاج لتفسير مقنع في اجتماع هؤلاء الثلاثة معهم جاري الأعور الذي لم أجدْ سببًا لكرهه أقنع فيه نفسي سوى أنَّني أتشاءم من رؤيته.
ما الذي يحدث؟ وقفت وسطَ غرفةَ الحجزِ أتطلع في وجوههم. سألتهم:
- ما الذي يحدث .. لماذا نحن هنا؟
أجابني رجل لا أتذكر أين رأيته من قبل:
- ليتك تُخبرنا أنت، ألست آخر القادمين؟
صاح أحدهم كان يجلس في زاويةٍ مظلمةٍ:
- قصة كل يوم.
أنشغلَ الجميعُ عني، فوجدت نفسي أعود لمكاني أحلم بشطائرِ البيضِ المسلوق بالطماطم والزيتون الأخضر وإلى جانبها شاي لا يهم إن كان ساخناً جدًا جدًا .. أو بارداً جدًا جدًا .
قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

الذِّئبُ العَطُوفُ ...بقلم الكاتب والأديب المبدع / فريد المصباحي- المغرب



 الذِّئبُ العَطُوفُ ...

أمسَكَها مِن عُنُقِها وبدَأ يُعانِقُها ويُداعبُها ، سالَتْ لعابُهُ ، هزّ ذيلَهُ الحَريريَّ ، بدَتْ مَخالبُهُ النَّاعِمةُ ، جرّها بلُطفٍ إليه ليُديرَها على ظهرِها ، رفعتْ حوافِرَها نحو السّماءِ ليُلبسَها حِزاماً مِن الذّهبِ تَثْميناً لِودَاعتِها وٱنقيَّادِها ، وكان يُغازلُها في كلّ حَركةٍ وسَكنةٍ ، إنَّه الذِّئبُ الحَنونُ ، جرّدَها من ذلك الصُّوفِ الخَشِنِ النَّتِنِ ، فألبسَها جِلداً رقيقاً مُخضّباً بلونِ هنديٍّ أحمَر ، ثمّ حمَلها بيْن مَخالبِهِ
الذَّهبيّةِ وأسنَانهِ اللّامعةِ نحوَ
خَندَقٍ ليَفتَرِسَها في سلامٍ وأمانٍ
بعيداً عن أعيُنِ المُتَطفّلينَ .!!
بقلم / فريد المصباحي- المغرب

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة