Translate

السبت، 16 يوليو 2022

ورطتي مع سعيدة بقلم / أحمد المودن تاونات . المغرب


 ورطتي مع سعيدة

بقلم / أحمد المودن 

 تاونات . المغرب

نظرت لعينيها خفية رغبة مني في قراءة نواياها، ماضيها وحاضرها، فحكمت عليها بسرعة: " إنها عاهرة "

علم الفراسة هوايتي، بل أعتمد عليه في تعاملي مع الناس، وتحديد مواقفي منهم.
امرأة جميلة رغم أن حاجبيها اتخذا شكلا يعطي الإنطباع أنك أمام ساحرة أو مشعوذة...جسد ممتلأ يذكرني بأجساد الراقصات...أثار ضرب أزرق تحت العين...نقطة واحدة جعلتني أحاول تغليب المنطق على الفراسة هي نبرة الحزن التي تصاحب صوتها، ونظرها إلى الأرض وهي تخاطبني.
لأول مرة أجد نفسي في حيرة من أمري، فالمرأة الواقفة أمامي لا أعرف عنها شيئا...فهل أكتري لها بيتي المعروض للكراء؟
لقد جاء بها الوكيل العقاري، وقد كان ثرثارا للغاية:
- إنها امرأة متزوجة، إسمها سعيدة، إسم على مسمى، لها أبناء وبنات...زوجها يعمل وهي كذلك تعمل...لن تجد أفضل منها...تؤدي أقساها الشهرية بانتظام...
يسوي طربوشه، ثم يحرك المفاتيح الكثيرة التي بيده وكأنه يستعمل تسبيحا..." يغمزني " بإشارة من عينيه، ثم يواصل ثرثرته:
- ستعطيك تسبيقا، وستلتزم معك بعقد مصادق عليه بأن تؤدي لك أقساطك الشهرية بانتظام...
فكرت طويلا...تساءلت مع نفسي " لماذا لم يأت معها زوجها؟...لماذا هي حزينة؟...لماذا يريد الوكيل العقاري الإسراع بعملية الكراء؟
في غمرة شرودي ، وجدت نفسي أتناول قدرا من المال كعربون كراء من سعيدة...قبض بعده الوكيل العقاري أجره ثم اختفى...
الشهر الأول كان إيجابيا...فقد أدت السيدة سومة كراءها في الموعد المحدد...
الشهر الثاني، عرف تأخرا طفيفا وكذلك الثالث والرابع...
خلال الشهر الخامس اتصلت بي جارة وأخبرتني أن الصراخ يُسمع يوميا بالبيت الذي أكتريه للسيدة سعيدة...
خلال الشهر السادس انقطعت سومة الكراء نهائيا...أرسلت زوجتي لتستفسر، فجاءتني بالخبر الصادم:
- لقد افترقت مع زوجها، بعدما اقتتلا وكسرا كل شيء بالبيت...لقد اختفى قبل عيد الأضحى، وهي الآن بلا معيل...لها ستة أطفال... إنها تطلب منك أن تساعدها من أجل اقتناء خروف العيد...
زرتها صحبة زوجتي...كانت تبكي...
كان همي الوحيد هو معرفة قصتها، فقد أثبتت فراستي فشلها في توقع أحوال الناس...
بصوت حزين كانت تحكي قصتها:
- لقد تزوجت بالمهدي...فعشنا معا لمدة خمس سنوات ، ازداد لنا أبناء وبنات...لكن حدثت مشاكل بيننا، فافترقنا لمدة عشر سنوات...ثم عاد إلي بدعوى مصلحة الأطفال...ثم فرخنا أبناء وبنات آخرين...وها هو اليوم يهرب من جديد، ويتركني وحيدة في مواجهة متطلبات ستة أطفال أكبرهم عمره سبعة عشر عاما...وانا مقبلة على الطلاق ..."
ودعتها، وسرت بين الدروب أفكر في هذه الورطة التي وضعني فيها القدر...تذكرت دموعها...والعيد...وخروف العيد...وسومة الكراء...
قصدت الوكيل العقاري، فحكيت له حالي مع السيدة التي ورطني معها، فأجابني باقتراح غريب، وهو يبتسم:
- لماذا لا تتزوج بها، وتتركها بذاك المنزل؟ فهي لن تخرج لك منه مهما كان الحال...إنها دجاجة بفراخها...
خرجت من مكتبه، ولأول مرة وجدت نفسي أبتسم، لغرابة الإقتراح، وأنا اكاد أنفجر من الحزن...
بمدخل بيتي سألتني زوجتي عن رأي الوكيل العقاري، فقلت لها بأمانة :
- لقد اقترح علي أن أتزوجها...
بقلم / أحمد المودن 
 تاونات . المغرب
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏تحتوي على النص '‏أحمد المودن‏'‏‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة