Translate

الاثنين، 22 أغسطس 2022

قصة قصيرة الداء والدواء يقلم عصام الدين محمد أحمد

 قصة قصيرة 

 الداء والدواء

يقلم عصام الدين محمد أحمد
الداء والدواء
استهلال:
يشعل حطب المدفأة،يجمر أرغفة الشمس اللدنة،يلتهم طاجن الرايب.
يوقظ أولاده العشر بالصياح.
يحدد لكل واحد وجهته،يفك الحمار من مزوده،يشد البرذعة فوق ظهره،يركب جسر الترعة المُرة،يعبر القنطرة البحرية،يربط الحمار علي حافة الأرباع،يجوب الغيط،يفلّت الحشائش،يختبر سريان الماء في المسرب،يزيح عوالق الطين علي الحواف،يقلّب الثمار،يختبر درجة النضج،يغادرنا قبيل الظهر.
يحكي شديد:
أحرس البطيخ كل يوم،مللت،أشق بطيخة،لبتها كاللفت،طعمها ماسخ،أبقر بطن الثانية،لا طعم لها،ألاحقهما بالثالثة،حظي أيضا نحس،أكوم جرن القشر، أغرقني يم الهواجس :
هل ما فعلته جريمة؟أم تسلية لكسر الملل؟
كيف أتخلص من الآثار؟
أقذف القشر في قعر البيارة.
أركب الجسر عائداً،يطول الطريق،تأفل البهائم،تزفها العيون إلي الدور.
أنسلّ داخل الدار دون أن يلحظني أحد،أتهرب من العشاء،أتناوم.
يعود الحاج متعباً،يلعن خلفة العيال، اصطفقت الأفواه،توعدهم جميعا.
أمتشق بندقيته المهملة،يبحث عني ،أختبئ ،أتشعلق الحائط، يتوسط الحوش،جلجل صوته المفزع:
انزل يا كلب.
تلوثني الأهازيج:
نزرع،نحصد،يبيع المحصول،يشخط في وجه أمي:
بنطلونه جديد،عمره سنتان فقط،حذاؤه متماسك،اشتراه الصيف قبل قبل الماضي.
الجامعة ليست مظاهر يا حاجة.
تنعي أمي لحد مطالبي.
أفحص قدود النظارة،أتساءل:
هل سيطلق النار حقاً أم مجرد تهويش أحمق؟
تصفع نبراته الفزع:
انزل.
أقفز من جدار لجدار،أنبطح من سطح لسطح.
يطلق البارود،أنط في بطن الحوش،أتوجع.
ما كاد يفرغ شديد حتي زاحمته حكايتي:
تلسعني الشمس،يريحني الاخضرار المنبسط،الطمي يدبق قدميّ،ألفظ بطيخ شديد غير الناضج،أنتقي ذكر بطيخ،أخبطها بقبضتي،تسيل الدماء غزيرة،أستحلب حلاوتها،يغتاظ شديد،يحصد المزيد من الثمار،نتراشق بالقشر،نلملم البقايا،ندفنها،أهبط لقاع البيارة،أغطي الأكوام،أواري الرفات بالطين والعفش والزلط،أعود من طريق غير طريق شديد،أهذي:
ماذا سيفعل معي عمي؟
بالتأكيد سيقول لأبي ،والذي سينقل الخبر لأمي،وبدورها ستهدد بالسفر إلي أهلها أن لم يؤدبني.
سيطرحني أرضا ليهرس عظامي بالمدقة.
أدعي الشبع،أقاوم التشظي،تزدحم الدار،تتباين الأصوات ما بين نبرات الوعيد،وعبارات اللوم،صوت أبي يرتفع:
غار المحصول....في داهية يا سيدي،لا تخسر الآخرة،عيال غلطت.
ماذا نفعل معهم؟
أنقتلهم؟
أفر مرعوباً،أطأ حقولا مطموسة الحدود،لا أعرف عنها شيئا،افترشت الأرض الأشواك،أدمت قدماي لاصطدامها بصخرة،لخمني التألم،ينساب ثعبان ضخم إلي الشق،تجرشني المخاوف،أتحامل،ألوذ بالتراب،أنتحي موضعا قصيا،أهز جذع الفراغ،تساقطت رباطة الجأش،أتساءل:
أتتثعبن العلاقات؟
أنتعل الأرض الجارحة،أنزع سروالي،أضمد جراحي.
نفل:
في المساء ترامت إلي مسامعي التداعيات،برك عمي ينظف البندقية،يفرغ،يحتفظ أبي بالطلقات في جيبه،شربا الشاي،تفرق أهل الدار للبحث عن شديد،أسر الحاج:
الحمل ثقيل.
يتعجب أبي:
والحل هو التخلص من الأبناء.
يحتد الحاج:
الغضب وحش.
يستدرك أبي:
ولكن للغضب حدودا.
يستغرب الحاج:
ما ذنب البطيخ.
يبلور أبي الموقف:
عيال وغلطت.
جرفته الدهشة:
لا تغلط في الطعام.
أحاطت النساء بشديد،يزمجر مرتعشاً،جذب أبي البندقية،تشج الدماء رأس شديد،كبش الحاج حفنة أتربة،كبس الشج.
يتلجلج أبي:
لا بد من احضار طبيب.
قهقه الحاج:
الدواء في الطين.
تمت بحمد الله
قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة