Translate

الجمعة، 17 فبراير 2023

الخطيئة للكاتب المبدع / لحسن بومزوغ بني ملال - المغرب

 الخطيئة

للكاتب المبدع / لحسن بومزوغ 

بني ملال - المغرب

صعدت على متن الحافلة، و هي تطلق العنان لخطواتها التائهة الباحثة عن هدف غير مسطر. هروبا من ماض اضحى هاجسها و كابوسها المؤرق. جلست بجانب النافدة و أسندت رأسها عليها، ثم فتحت نافدة أكبر تطل على أكبر إخفاق سقاها مر الساعات و الأيام.....تحركت الحافلة و كل الركاب يعلمون وجهتهم الا أمينة، لم يكن يهمها سوى المضي في درب البحث عن مأوى قد ينسيها مرارة التفكير في صغيرها، الذي فتحت في وجهه مصاعب الحياة مند أيامه الأولى. و في ذالك السند الذي منحته أغلى ما تملك و خان نبضات قلبها الصادقة....فجأة سمعت صوتا ضعيفا ينادي إسمها، فتركت كل ركام التفكير و خيباته و قلَّبت عينيها بحثا عن مصدر الصوت. فرأت وجوها لا تعرفها، بعضها يتبادل أطراف الحديث و بعضها ينتشي بلذة السفر و أخرون يراقبون نوافد الحافلة الموالية لها. و كأنهم يتفرجون على شيء مثير في الخارج. فانتابها الفضول و استدارت نحو النافدة فصدمت. لم تصدق ما رأته فأغمضت عينيها وفتحتهما ظنا منها انها تحلم لكن ما رأته لم يتغير...انه نفس الشاب الذي أحبته و كان سببا في تعاستها. تراه يركب دراجة نارية سريعة يحاول اللحاق بالحافلة، و هو يلوح بيده صرخ بأعلى صوته باسمها..أمينة...أمينة...أمينة. لم تستطع كبح دموعها و لا استيعاب مايحدث أمامها، و ألف سؤال و سؤال يطرق باب عقلها...
فجأة اختفى و لم تعلم اين ذهب، فأطلقت زفيرا طويلا و قالت في نفسها كالعادة اختفى فهو معتاد على ذالك، و قبل أن تعود لنافدتها المؤسفة توقفت الحافلة. فصعد الشاب صاحب النكسة الى الحافلة بسرعة كبيرة متجها نحوها، ثم جثا على ركبتيه متوسلا و طالبا إياها مسامحته على غيابه، واعدا إياها تحت القسم انه سيعوضها عن أيام البؤس التي مرت بها...لم تستطع أن تسكت صرخة حبها له و ارتمت في أحضانه باكية معاتبة إياه. فقاطعها قائلا :أعلم انك عانيت بسببي و أني غادرت هاربا من المسؤولية التي لم أكن اهلا لها. لكني اعدك اني سكون سندك و رفيقا مدى الحياة إن قبلت الزواج بي.
ثم أمسك يدها و أخرجها من الحافلة... و تلاطم الأحاسيس مدوية في صدرها. أخبرته انها أنجبت منه طفلا يشبهه و تخلت عنه بباب احد المساجد ... و لم يكن منه الا أن مسح دمعتها و قال لها...اليوم سنبحث عنه و نحضره لنبدأ حياتنا معا تحت مظلة المحبة و السكينة.
ركبت معه الدراجة السريعة و قصدا المدينة التي أتت منها تاركة فلذة كبدها. و ماهي الا ساعات قليلة حتى وقفا بباب ذالك المسجد، و سألت إمام المسجد بعد أن خرج، عن طفل تركته بباب المسجد ليلة أمس. فقال لها و من أنت؟ أجابته انا أم الطفل و هذا ابوه. فاستطرد قائلا :و كيف لي أن اتأكد انك امه و أنك لا تكذبين؟فأخبرته عن علامة كان ابنها يحمها في ظهره و وصفت الطفل بدقة كبيرة لم تترك للإمام مجالا ليشك. ليخبرهما بعد ذالك انه عثر عليه و أخده لبيته بين أطفاله و قرر أن يأخده للشرطة غدا...و أنه تراجع عن ذالك بعد عودتهما، معاتبا أياهما على مافعلاه حاثا إياهما أن يتصفا بالحكمة و الصبر. و أخيرا إجتمع شتات أسرة كان سلاحها تصحيح الخطأ، وصارت الدمعة ابتسامات نورت طريقهم و ألقت حزن الفراق و الخداع الى درك النسيان. و تزوجت أمينة بشهاب و أسمو طفلهم أمين، و عاشوا في سلام و أمان.
لحسن بومزوغ /بني ملال/المغرب
🇲🇦🇲🇦🇲🇦
قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة