Translate

السبت، 24 ديسمبر 2022

نهاية رحلة الحلقة الواحدة والعشرين بقلم الأديب المبدع / رشدي الخميري - تونس


 نهاية رحلة

الحلقة الواحدة والعشرين
رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس
بدأ سيّدي المعلّم يحبّ عمله أكثر ويندمج بسرعة مع زملائه الجدد وتعلّم الشّيء الكثير من مديره وتعلّم خاصّة أنّ المعلّم سيّد قسمه حتّى مع المدير نفسه. وقد تعلّمها منه كلّ من عمل معه فهو مدرسة فعلا. تقاعد ذلك المدير وجاء بعده آخرون وبقيت المدرسة كعلم تعرف به الجهة من حيث نوعيّة المعلّمين وعدد النّاجحين في المناظرات الوطنيّة. بعد مضيّ ستّة أعوام في تلك المدرسة رجع إلى سيّدي المعلّم هاجس مواصلة الدّراسة فولداه كبرا ويمكنهما الاعتماد على نفسيهما. ومن جهة ثانية بنيت جامعة في المدينة وأصبح من السّهل التّوفيق بين العمل والدّراسة خاصّة وأنّه ابتاع سيّارة بعد الحصول على قرض" هههههه" إذ لا سبيل لمعشر الموظّفين للحصول على سيّارة أو بناء منزل سوى الاقتراض من البنك وتحمّل الفوائض والخصم من الرّاتب. ذهب المربّي بعد أن استخرج أوراقا مطلوبة ممّن يرغب في التّسجيل بالجامعة واتصل بمكتب التّسجيل. سيّدي المعلّم بدأ شعره يبيضّ وظهر عليه بعض الكبر مقارنة بمن هم في مثل سنّه، عندما دخل مكتب الجامعة المخصّص للتّسجيل وأخبرهم بأنّه يريد أن يسجّل بالسّنة أولى أنجليزيّة ردّ عليه المسؤول بأنّ التّسجيل شخصيّ، والمعني بالتّسجيل هو الّذي يتقدّم لهذا المكتب. ابتسم المعلّم وقال " ها أنا ذا" فالتفت إليه كلّ من في المكتب وكأنّه قال ما يعيب أو كأنّه خرق قانونا ما، وكنت ترى في وجوههم الرّغبة في الانفجار من الضّحك فهي سابقة في هذه الجامعة، وكاد المسؤول هناك أن يرفض تسجيل المعلّم وعوض ذلك طلب منه أن يحضر الدّفتر الصّحيّ من الجامعة الّتي درس بها من قبل. لم يكن ذلك ممكنا فهو غادر الجامعة منذ ثلاثين سنة والملفّ الصّحيّ بالذّات قد يكون أتلف وليس كباقي الأوراق أو الوثائق الّتي يمكن أن تجد لها أثرا في الحاسوب. خرج المعلّم من المكتب وهو يفكّر أن حلمه قد ينهار. وبينما هو كذلك، خرج المسؤول وقال له "صدّقني لو كان الأمر بيدي لمكّنتك من التّسجيل فورا ولكن القانون لا يسمح بالتّسجيل بدون الملفّ الصّحّي" ولأنّ المعلّم يعترف جدّا بالقانون أجابه " لا عليك سأحاول الحصول على الملفّ" كانت المديرة آنذاك مارّة بالقرب من سيّدي المعلّم فسألته" qu'est ce qu'on peut faire pour vous monsieur ?" كانت مديرة المؤسّسة فرنسيّة الأصل وزوجها أصيل تلك المنطقة، فأجابها المربّي محدّثا إيّاها بما دار بينه وبين المسؤول في مكتب التّسجيل. بطبيعة الحال كلّمها سيّدي المعلّم بالفرنسيّة. بعد سماعه طلبت منه أن يأتي معها إلى مكتب التّسجيل و"أمرتهم" أن يأخذوا أوراقه ويسجّلوه في انتظار الملفّ الصّحّي. والملفّ الصحّي هو على مرمى العين" ههههه". أو هو على بعد أمتار. نعم فقد طلبت المديرة من سيّدي المعلّم أن يذهب إلى عيادة الجامعة وأن يستخرج ملفّا صحّيّا جديدا بناء على معطياته الجديدة ثمّ يسلّمه إلى مكتب التّسجيل وبذلك تنتهي الاجراءات ويتحصّل الطّالب الكهل على شهادة تسجيل بالجامعة. وفعلا تمّ ذلك وأصبح سيّدي المعلّم طالبا جامعيّا سنة أولى انجليزيّة. وبعد ذلك ضبط جدولا خاصّا وفّق فيه بين عمله ودراسته، وصار مواضبا على دروسه كلّما سمح له جدول عمله في المدرسة. في الجامعة كان الطّلبة والعملة ينادونه بالعمّ ...... بعض الأساتذة كانوا كذلك ينادونه عمّي.......أو سي.....ولم يكن منزعجا لذلك أبدا ففي النّهاية هو يكبرهم سنّا. مجيء ذلك المعلّم زرع في معلّمين كثيرين الرّغبة في التّسجيل وبما أنّ الباب فتح فلا مناص من الدّخول ههههه حتّى ينتهي خجل سيّدي المعلّم من وجوده بين طلبة في مثل سنّ أولاده. وأحبّه الطّلبة والأساتذة. وبتواجد معلّمين آخرين تغيّرت أشياء كثيرة في السّاحة وعلى مستوى حضور المحاضرات والدّروس التّطبيقيّة فبرؤية الكبار مثابرين على دروسهم والحضور، صار الطّلبة أو جلّهم يحضرون وصار الأساتذة يجدون أمامهم طلبة يسعون للمعرفة والنّجاح أكثر بكثير من ذي قبل. هذا لم يمنع الطّلبة من سؤالهم للمعلّمين "لماذا تدرسون وأنتم في هذا السّنّ، وأنتم متزوّجون ،ولكم وظائف وأولاد ولكم سيّارات؟" كان تواجد المعلّمين وبعض الموظّفين الّذين التحقوا فيما بعد يعتبر غريبا فجلّ الطّلبة يربطون العلم بالوظيفة أو بالعمل عموما. عمّي سيّدي المعلّم نجح وتحصّل على الإجازة والماجستير في اللّغة الانجليزيّة، وهذا ما جعله متخصّصا في تدريس اللّغة الانجليزيّة في مدرسته. تتعاقب الأعوام بعد ذلك بحلوها ومرّها ويأتي دور سيّدي المعلّم ليترك السّبورة والتّلاميذ وتحيّة العلم و سيمرّ مرارا من أمام مدرسته ليتذكّر كلّ لحظة وربّما كلّ درس علق بذهنه.. تذكّر يوما مثلا انّه كان في القاعة عدد أربعة وكان يدرّس سنة رابعة فرنسيّة. في تلك السّنة عوّد سيّدي المعلّم تلاميذه على حفظ القصص الّتي يدرسونها في حصّة المطالعة وفي يوم. من الأيّام حضر مع المعلّم ما يقارب عشرين معلّما ومعلّمة مع مرشدين اثنين ومتفقّد الفرنسيّة ما سمّي بدرس ملاحظة. كان التّلاميذ متحمّسين وناشطين ولعب المعلّم دور المنشّط وأحيانا دور المؤطّر. مرّ الدّرس كأحسن ما يكون وعندما طلب المعلّم من تلامذته الخروج لأنّ المعلّمين سيناقشون بعض الأشياء لاحظ المتفقّد أنّ بنتا كانت ترفع إصبعها وتلحّ في طلب الكلمة فوافقها فقالت أنّها تريد أن تسرد قصّة طلب منها المعلّم حفظها للحصّة الفارطة ولكنّها كانت غائبة فابتسم الجميع وسمح لها المتفقّد بسرد قصّتها وقد أبلت بلاء حسنا بإلقائها وحركات يديها وجسمها وتفاعل قسمات وجهها وعندما انهت استعراضها حيّت الحاضرين كأنّها في مسرح فصفّق لها الجميع لتخرج بعد ذلك وهي فرحة وقد نالت إعجاب كلّ من في القاعة . تذكّر سيّدي المعلّم أيضا أنّ في يوم من الأيّام منح عون خدمات درجة "عامل رئيس" فاعتقد أنّه أصبح رئيس العملة لذلك تخلّى من الغد عن بذلة العمل وراح يأمر زملاءه بالقيام بهذا العمل أو بآخر فاشتكوا إلى المدير ، ولمّا سأله المدير عن تصرّفه ذاك قال بأنّ الإدارة عيّنته رئيس العملة" هههههه" لكنّ المدير ابتسم وصحّح له الفكرة بأنّ ما تحصّل عليه هو درجة في سلّم الارتقاء وليس وظيفة...
رشدي الخميري / جندوبة / تونس

ق ق ج تشييع للكاتب المبدع / فتحي بوصيدة - تونس



 ق ق ج

تشييع

للكاتب المبدع / فتحي بوصيدة / تونس

مبارك، قد حصل على العلامة الكاملة من بين الأموات...
كي يحملونه إلى مثواه، نزعوا باب كوخهم...
بعد الجنازة، أوقدوه...
فيما امتدّ الشتاء، جاوروا قبر والدهم... لا حاجة لباب يُحْملون عليه...
همسوا إليه؛-كم هو دافئ قبرك يا أبانا-.
فتحي بوصيدة / تونس



في بالي بقلم الشاعر المبدع / محمود فوده - مصر

 في بالي

يا غــايب عن عيونــــي
ليــه بُعـدك عنــي طــال
ذابت روحي وجـفونــي
ومفيش منـــك ســـؤال
----★----
إرحــم قلبي في غيابك
فيه هموم تقل الجبــال
ليـه بس تســـد بابــــك
ولَّا بختــي اللــــي مال
----★----
أيـــــام وليـــــالـي مُـره
فيها دمـــــع الخـد سال
إسأل لو حتــــــى مَــره
عننــــا يا ابن الحــــلال
----★----
وحــداني القلب بَعـــدك
مشتـــــاق لك بالوصـال
لو طال في الغربه بُعدك
قول راجـــع يا احتـمال
----★----
مداري ليه في سكــوتك
وحارمنـــي م الحــــنان
نفسي أسمع بس صوتك
زي ما كـــنا زمــــــــــان
----★----
من فيــها اللي رمانــــي
فــي هواه وبقيت أسير
لو يرجـــــع تانــــي ليَّا
أخده في حضني وأطير
----★----
بس يفكـــــر شـــــــويه
لو كان على حبي باقــي
أفديه بروحـي وعنيـــه
ولا تغلى عليـه أشواقي
----★----
من ديوان دموع الحب
بقلم الشاعر محمود فوده
قد تكون صورة ‏‏‏شخص واحد‏، و‏نظارة شمسية‏‏ و‏نص‏‏

البوابة - قصة قصيرة - للأديبة المبدعة / فوز حمزة

 البوابة

- قصة قصيرة -
فوز حمزة
مرت ساعة منذُ أن تم إيقافه في مخفر الشرطة.
اجترت ذاكرته أحداث اليوم السابق، والأسبوع الماضي، بل جاهد أكثر ليتذكر ما حصل الشهر الفائت.
استحضر صور أشخاص تحدث معهم، وجوهًا قابلها، أعاد مع نفسه الأحاديث التي تبادلها مع آخرين عله يعثر على شيء يدينه، لكن ذلك لم يأتِ بنتيجة.
صداع ألم به جرّاء هبوط السكري عنده في الدم.
مد يده في جيب سترته وأخرج حبات تمر يابسة، شعر بعد ابتلاعها كأنه يعانق الحياةَ ثانيةً.
رائحة العفن المنبعثة من الفراش، لم تمنعه من الاستلقاء عليه،في هذا المكان لا مزيد من الخيارات،
وهو يحدق في النافذة القذرة المكتسية بطبقة غبار كانت كافية لتمنع مرور أشعة الشمس من خلالها، أغمض عينيهِ مانحًا الصداع عذرًا ليرحل، لكن الأصوات القادمة من عالم مليء بالغموض،هي التي استحوذت على اهتمامه.
سمع وقع خطوات تتجه نحوه، اقتربت أكثر حتى شعر بأنفاس صاحبها. فتح عينيه في وجه شاب ملتح، انحنى يتفرس في وجهه قائلاً:
- إنت زين؟
نظر إليه بكل الدهشة التي يمتلكها قبل أن يرد عليه:
- كيف دخلت؟ لمْ أشعر بكَ!
- أنا مسجون مثلك، بس إنت ما انتبهت عليّ لما دخلت، شنو تهمتك؟
قال بعد لحظة صمت:
- تفاجأت بهم وهم يلقون القبض عليّ في الجامعة.
- أنتَ معلم بالكلية؟
انشغل عن الإجابة بالنظر إلى قميصِ الشاب المتعرق، رائحة أبطيه اختلطت مع رائحة المكان. شعر برأسه مثقلًا بأفكار يلفها الضباب، أخرجه مما هو فيه صوت الشاب يسأله ثانية:
- إنت شنو أدرّس؟
- التأريخ السياسي. فجأة، التمعت عيناه كأنه تذكر شيئًا.
سأله الشاب بقلق:
- إشبيك، ليش صفنت؟!
كأنه يحدث نفسه حينما قال:
- عندما ألقوا القبض عليّ، كنت أحاضر عن التاريخ المزيف الذي درسناه، عن الأكاذيب التي أجبرنا على تصديقها والتي ملأت رؤوسنا بالرماد. كنت أقول لطلابي: مهما جاهدنا للوصول إلى جزيرة الأمان، سيعيدنا التيار ثانية للغرق مادمنا لا نغير وسائل الإبحار. إننا كمن يحاول النجاة وسط رمال متحركة حتى إنني تذكرت كلمات أحد الطلبة عندما قال لي: نعم يا دكتور، العطشان يرى كل ماحوله ماءً، وقد لا يكون ما يحيط به سوى السراب!
التفت نحو الشاب فجأة ليسأله:
- لماذا أنت هنا؟
- تعاركت ويه واحد.
- كم مضى عليك في السجن؟
- منذ زمن طويل، انتظر المحامي حتى يخلصني. البارحة، كالولي اليوم هو موعد زيارته، بس تأجل الموعد أكثر من مرة.
تنبه الاثنان لصوت باب الزنزانة وهو يفتح من قبل الحارس الذي راح يهمس للشاب مبتسمًا وهو يناوله صينية الأكل:
- باجر يجي المحامي مالتك، ويخلصك، فقط التزم الصبر و .. ا .. ل .. ه .. د .. و .. ء.
حزن لسماعه الخبر،فقال موجهًا الحديث لزميل السجن:
- صارلي انتظر هذا المخلص أكثر من ألف عام، ما أعرف اشوكت يحن عليّ ويجي؟!
وهو ينظر للشاب،أحس إنَّ كل فكرة من أفكاره ماهي إلا محاولة لمصافحة مارد جبار حول معصميه، طوق من نار، شعور عميق بالغباء ترسخَ داخله لأنه ظنَّ أنه سيتمكن من ملامسة السماء بينما هو يقف على رؤوس أصابعه.
جال ببصره في جدران السجن المثقلة بظلالها والتي أخبرته ساخرة: أنت وتاريخك سجينا زنزانة واحدة.
فقدَ الرغبة في الحديث بينما كلماته وقفت في ثنايا أسنانه المتكسرة.
وهو يلتهم آخر حبة تمر وجدها في جيبه، نظر إلى الشاب الذي حمل صينية الأكل قابع في الزاوية البعيدة يتناول طعامه ونظرة تأمل نابعة من عينيه.
رفع رأسه إلى النافذة العالية التي سمحت لخيط رفيع من الضوء يخترق بصمت العتمة التي تفصل بينه وبين رفيقه، نور مفعم بالفضيلة، لكنه عاجز عن تبديد الظلمة.
ردد مع نفسه:
البحر يقلص شواطئه، بينما نحن ما نزال نبحر بزوارق من ورق!
.................................................................................
قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

ألمُ المَفاصِلِ ... بقلم الأديب المبدع / فريد المصباحي - المغرب

 ألمُ المَفاصِلِ ...

بقلم : فريد المصباحي/ المغرب

سرَق عِجلاً سَميناً فحَكم عليه القاضي بقطعِ يدِه ، لكن رأفةً به ، عُفيَ عنه بحُجةِ أنّه يُعاني من ألمٍ في المَفاصِل ، فقَدّمَ هديةً ثَمينةً للقاضِي جزاءَ تَسامُحِهِ وعَفْوِهِ !!!
بقلم : فريد المصباحي/ المغرب
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

رواسب بقلم الأديبة المبدعة / سعاد غانم - سورية


 رواسب

تسللتْ كاللّصةِ إلى المكتبةِ،استمعتْ لأبطالِ حكايا طفولتِها.
قالوا لها: انصهري؛فانصهرتْ،ثم انسكبتْ بقالبِ دميةٍ زجاجيٍ شفافٍ.
تلذذتْ،تعذبتْ،كرهتْ خوفٓها الدفينٓ في القاعِ .
عند أول شعاع ،تذكرت أنها وحيدة في البيت، مستندة على جدار من ورق.
سعاد غانم

أقفرَ الليلُ كلمات / متولي بصل دمياط - مصر


 

أقفرَ الليلُ

كلمات / متولي بصل

دمياط - مصر

 

أقفرَ الليلُ، وأعياني الدجى

وهمومي لا تنامُ وإن غفوتُ !

أين غاب البدرُ عني والنجومُ

أم أنا عن هذهِ الدنيا ارتحلتُ ؟

أيها الأموات في بطن الثرى

أخبروني هل لهذا الهمِّ موتُ !

قاتلَ اللهُ غرابًا أسودا

حامَ في الحيِّ فهدَّمَ ما بنيتُ

ثمَّ آب إليَّ ينفشُ ريشهُ

يطلب المالَ ويرجو ما ادخرتُّ !

أفقرَ الناسَ وأغنى نفسَهُ

ذلك المشئوم لا يثنيه صوتُ

ربما أغراه جُبنٌ كاذبُ

ربما قد ظنَّ أنَّ الحلمَ كبتُ

فيكَ يا ربَّاه ما خابَ الرجا

أنت يا مولايَ أكرم من رجوتُ

وبكَ استغنيتُ عن كل الورى

والتجأتُ إليك ربي واحتميتُ

ما الذي أخشاهُ إن أمَّنْت روعي

واستقمتُ على صراطك واهتديتُ



       كلمات / متولي بصل

دمياط - مصر

 

 

أقْمَرَ الليلُ كلمات / متولي بصل دمياط - مصر


 

أقْمَرَ الليلُ

كلمات / متولي بصل

دمياط - مصر

غازلَ الشوقُ فؤادي ورمى

فيهِ من جمرِ الهوى ما قد رمى

مذ رأت عينايَ في هذا الفضا

وجهَكِ الدرِّي يا بدر السما

صرتِ دائي ودوائي وجرى

حبُّك العذريُّ في قلبي دما

صاغكِ الخلَّاقُ من ياقوتةٍ

أم من الشهد المصفَّى واللمى

هامتِ الروحُ وأضناها الجوى

وبحبكِ أنتِ صرتُ متيَّما

فاعذريني إن كَبَتْ بِي لَوْعتي

فحنيني مثل سيلٍ قد همى

بيننا ما بين أجرام السما

والهوى يجتاحُ قلبي عارما

كيف إن أبصرتُ طيفَكِ ها هنا

وندى كفَّيكِ في كفي ارتمى ؟!

أقمرَ الليلُ وشطَّ بيَ الهوى

والنوى قد زادَ نفسي ألَمَا

 

كلمات / متولي بصل

دمياط - مصر

 

 

الجمعة، 16 ديسمبر 2022

شذرات من سيرة رجل لا يعرفكم بقلم الكاتب والأديب المبدع / عبدالكريم جماعي - تونس

 شذرات من سيرة رجل لا يعرفكم

بقلم: عبدالكريم جماعي.من تونس

تصدير:
( لم تكن امرأة بل كانت زلة قلب)
"الشاعر رحيم جماعي"
هل يستطيع الكائن البشري أن يعيش وحيدا؟ منطويا على نفسه مثل السلحفاة؟ حاملا همومه ومشاغله داخل قوقعته؟ راضيا بمصيره التعيس؟ مستغنيا عن علاقاته الاجتماعية؟ هاربا من مسؤوليته تجاه الآخرين؟
ليس بالخبز وحده يحيا الانسان..لكنّ بطلنا عاش به ولأجله..ربما واجهته أهوال في طريقه الى الحياة السوية..فاكتفى منها بما يشد عوده فقط..عرفته في اخر سنواته..كان حينها قد احيل على التقاعد من الوظيفة..بعد اعوام عديدة تنقل خلالها بين عدة جهات من الوطن..حتى استقر به الحال في مدينتنا..لم تكن له عائلة فهو لم يتزوج..مع تقدم العمر نسي الموضوع بتاتا..ليس لأنه غريب الاطوار..لكن بسبب علاقة حب قديمة لم تكتمل..جعلته يكره الجنس الآخر..عاش قصة حب رهيبة في بداية شبابه..علق عليها كل آماله..بنى عليها في خياله حياة مغايرة فيها دفء وسكن..راى فيها مستقبله باسما سعيدا.. ثم استيقظ على خبر اختفاء حبيبته فجاة..غادرته بلا رجعة..بحث عنها طويلا..دون جدوى..كأنها كانت محض خيال..هل من الممكن أن يختفي الانسان كالسراب؟
حاول استرجاع كل ما جرى بينهما..عله يعرف سبب هجرها له..لكنه للاسف لم يجد ما يشفي غليله..لم يحقد عليها رغم الجرح الغائر الذي بقي ينزف في داخله..!!
سألته مرة: (هل مازلت ترغب في رؤيتها بعد كل هذه السنين؟)
فاجابني بعد آهة طويلة:( لم اعد أريد منها شيئا..فانا نسيت جراحي القديمة..مع الوقت تعلمت أن أتجاوز..لقد سامحتها حقا ..الا أنه بقي سؤال واحد يقض مضجعي اتمنى ان تجيبني هي عليه...فلقد عشت فقط لأسمعه...وهذا السؤال هو...لماذا؟)
ثم استرسل كانه يهذي: (لقد كانت أيقونتي وأميرتي..رأيت من خلالها جمال الدنيا..ذقت بقربها حلاوة الايام..بنينا معا قصورا من الالفة والسعادة..كنت أخاف عليها حتى من النسمة ان تجرح خدها..دللتها كثيرا.. أهملت عائلتي واقاربي من اجلها..خططنا لزواجنا معا..وتعاهدنا على بناء العش بمودة ورحمة..)
سكت برهة ثم أضاف( كرهت بعدها النساء..لم تعد لي ثقة في البشر..قلت في نفسي مرارا..كيف بمقدور كائنة رقيقة كالفراشة..أن تصير خائنة للعهد..كنت أظن نفسي قد خبرت المجتمع فقد تعاملت مع شتى اصنافه..لم اجد صعوبة في اختيار الانقياء..لكن عندما التقيت محبوبتي أعطيتها الامان بلا تفكير فأخذت قلبي وهربت..داست على املي واختفت..سرقت مني سعادتي وتركتني للريح..!!
انعزلت عن الناس الا بمقدار ما يتيح لي ضمان العيش..قضيت اعوامي وحيدا..لا أنيس لي ولا رفيق..جربت بعدها علاقات عابرة لا تتجاوز حاجتي البيولوجية..أشبع رغباتي سريعا ثم اواصل حياتي بلا شغف او متعة..نسيت الزواج خاصة بعد تقدم العمر..تعودت على العزلة..حتى أصبحت جزءا مني..)
صمت فجأة..نظرت اليه.. كان مطرقا مهموما و يتنفس بصعوبة..كأنّ كلماته كانت تحبس مجرى الهواء..رفع عينيه فرأيته شاخصا في الفراغ.. محدقا في الفضاء بلا هدف..غادر مقعده بلا استئذان..كنا جالسين حينها في ركن داخلي من المقهى المعتاد.. خرج الى الشارع..مشى ببطء حذر كانه يتوقع حدوث شيء..كان فارع الطول مستقيم الظهر..دائم النظر الى الامام..مظهره يدل على شخص هادىء الطباع لكنه كان يغلي كالبركان..غاب في زحام الناس ولم يرجع الا بعد ايام..!!
لم يكن من عاداته أن يخبر احدا عن سر غيابه المفاجىء..يختفي متى شاء ويظهر متى اراد..لا يشارك الآخرين في مشاغلهم اليومية..يعيش كناسك.. مترفع عن لغوهم الساذج..مكتفي بحياته البسيطة البائسة..!!
اغتنمت في احدى المرات لحظات صفوه وسألته:( لم لا تعود الى ديارك وأهلك في العاصمة وترتاح من حياة الوحدة هذه؟)
فقال لي:( ليس لي أهل ألجأ اليهم..عشت يتيم الاب..شقيقي الاصغر هاجر منذ سنوات الى اوروبا ولم يعد..أختي الوحيدة متزوجة ولها عائلة كبيرة.. وتعتني أيضا بوالدتي..)
بلع ريقه وحدّق في عينيّ مباشرة..رأيت دمعة في أحداقه تأبى الخروج.. مسكني من ساعدي وهمس لي:( اسمع..لقد ماتت أمي منذ أشهر ولم أجد القوة والشجاعة لحضور جنازتها..بكيت عليها لوحدي..ناجيت طيفها في خيالي..طلبت منها ان تغفر لي وتسامحني..على هجراني لها..!
الآن فقط أصبحت أشعر بأنني يتيم رغم وفاة ابي منذ سنين طويلة..)
بقلم: عبدالكريم جماعي.من تونس
قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة