Translate

الجمعة، 30 ديسمبر 2022

يوميات سائق طاكسي الجزء...8 بقلم المبدع / محمد الدحان

 #_يوميات_سائق_طاكسي الجزء...8

اشتد بي البرد أكثر في الساعات الأخيرة من تلك الليلة ، وأصبح مع مرور الوقت أكثر ضراوة ، وبدأ يلفح جسدي المتعب من كل جانب . كنت لا أزال مستيقظا ومستلقيا على ظهري فوق المقعد الخلفي لسيارتي ، عيناي متبثتان إلى السقف ، وتفكيري شارد . لم أعد أستطيع تحمل هذا البرد القارص ، أدرت محرك السيارة ، وشغلت المدفأ ، فبدأ هواء ساخن يتسلل إلى أطرافي التي كانت شبه متجمدة .
عادت حلقات تلك القصة ، وعاد شريطها يمر أمام عيني ، وتعجبت كيف أنني لم أستوعب الدرس منذ اليوم الأول .....؟ وكيف استسلمت لألاعيب ذاك النصاب ، وأنا المهني المحترف . لقد دفعت ضريبة غبائي وكان الثمن غاليا . فها أنا أقبع داخل سيارتي متجمدا من البرد ، جائعا وبعيدا عن أسرتي . منهزما مدحورا ، ومكسور الخاطر ، بينما هو ربما يحتفل الآن مفتخرا بنصره مزهوا به . وصرت أتخيل ما قد أفعله به إذا تمكنت منه ، أو وقع بين يدي ، سوف أنهش لحمه بأسناني انتقاما منه ........
لقد بدأت الأمطار تنهمر بغزارة الآن ، وصوت قطراتها فوق سقف السيارة يشعرني وكأني داخل سفينة شراعية وسط بحر هائج ، فيزيد من اضطرابي وتوتري ........
بدأت أحس ببعض الدفء يدب إلى أوصالي أخيرا ، فأوقفت المحرك والمدفأ ، ولم أشعر بعدها بنفسي كيف ومتى أغمضت عيني .
صحوت باكرا على هدير صوت محرك شاحنة كانت متوقفة بجانبي تستعد للانطلاق . كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحا .فركت عيني ، ورتبت نفسي قليلا ، وعدلت من حالتي ، ثم قفزت إلى الكرسي الأمامي ، وأدرت المحرك ، وتوجهت مباشرة إلى محطة طاكسيات باب تازة ، وهناك أوقفت السيارة ونزلت منها . لاحظت أن جميع السائقين كانوا ينظرون إلي ، استغربت.... !!!! ...اقترب مني بعضهم ، سلموا علي ، ثم بدؤوا في طرح الأسئلة علي حول ما حدث بالأمس ، وأيقنت حينها أن سائق الأمس المفضل قد أخبرهم بالواقعة . ثم ما لبث أن لحق بهم باقي السائقين ، فأخبروني أن بينهم ضحايا لذلك النصاب أيضا ، وأنه فعل بهم مثل ما فعل معي بالضبط ، وأن التهمة التي دخل بسببها السجن لمدة ثلاث سنوات ، كانت النصب والاحتيال ....... قلت : هو محترف إذن......!!!!! أبدى الجميع تعاطفهم معي ، وتأسفوا لما حدث لي .......
كنت متجمدا من البرد ، وبطني فارغة إلا من دخان السجائر الذي كان يملأ صدري ، فاعتذرت منهم وقلت لهم : سأذهب إلى المقهى لأتناول شيئا أدفئ به معدتي ، فهي فارغة منذ الأمس وقد أتعبتني كثرة التدخين دون طعام .
قصدت مقهى قريبا من المحطة ، يقع قبالتها مباشرة ، ويقصده السائقون دائما . تناولت فطوري على عجل ، بدون رغبة حقيقية في الأكل ، بل كنت أدفع اللقمة دفعا إلى حلقي . فكيف لي أن أستمتع بالطعام ، وأنا في تلك الحالة من اليأس والغضب . ثم عدت مسرعا من المقهى بعد أن تركت نصف وجبتي ، وكوب قهوتي مملوءا فوق الطاولة . شغلت محرك السيارة وهممت بالمغادرة حين وفي حركة غير متوقعة ، وتصرف مهني نبيل ، استوقفني السائقون هناك وطلبوا مني التريث قليلا ، ثم حملوني بستة ركاب إلى تطوان مساعدة منهم لي ، وتعبيرا على تضامنهم وأسفهم لما وقع لي . كان حقا عملا شهما منهم ، شكرتهم كثيرا وأثنيت على موقفهم النبيل هذا وروحهم المهنية العالية ، وتحركت بسيارتي عائدا إلى تطوان.......
كنت ساعتها أقود سيارتي وأنا شارد الذهن ، منهكا ، ومصدوما . لم أكن أحس بأي شيء ، ولا أشعر بالمسافات ، وأكاد لا أرى الطريق ، ولا أركز فيها ، وكأن السيارة كانت تمشي وحدها . وصلت إلى تطوان ، وأنزلت الركاب ثم توجهت إلى بييتي مباشرة . دخلت وأنا مطأطأ الرأس ، غير قادر على الكلام . استقبلتني زوجتى باستغراب شديد ، فنظرت إلي في حيرة وسألتني : أين كنت ......؟... وماذا حدث معك.....؟ تبدو شاحبا ومشوشا....!!!!....كان الصمت جوابي ، وأفضل تعبير مني عن كل شيء ، لكن ، وبعد إلحاح كبير منها أجبتها : لقد نصب علي ذلك الزبون .......أجل.......لقد تركني مرميا بباب تازة وولى هاربا . ردت بأسف : لقد توقعت هذا حقا ، فقد كان قلبي منقبضا طوال الوقت ، وشعرت بحسرة فيه ليلة البارحة ، فأيقنت أن شيئا ما قد حدث لك. قلت : أجل ، إنها مصيبة حقا ، وعلي الآن أن أدفع لصاحب السيارة حسابه ، وأملأ خزان السيارة بالوقود من جيبي الخاص ، ذاك هو همي الآن ، لقد فعلها الجبان ، ولم يكفه قتلي مرة واحدة ، بل تلذذ في قتلي مرتين ، وأمعن في تعذيبي وإذلالي . آه لو أعثر عليه وأمسك به......!!!!........لقد تألمت كثيرا بالأمس.......فقالت : لا عليك الآن ، خذ حماما ساخنا ، واخلد إلى النوم ، وفكر في بناتك وبيتك وصحتك ، والأهم الآن ، هو أنك بخير بيننا ولم يصبك أي مكروه .أخذت حمامي ، ثم نمت نومة طويلة لم أصح منها إلا في المساء . أخذت مبلغا من المال من مدخراتي كنت أحتفظ به لنوائب الأيام مع قلته ، وتوجهت إلى محطة البنزين ،ومنها عند صاحب السيارة ، دفعت له حسابه ، وعدت إلى البيت مباشرة .
لم أشا أن ألتقي أحدا في ذلك اليوم ، وحاولت أن أنسى كل شيء الآن ، وأن أبدأ غدا يوما جديدا ، وأطوي هذه الصفحة حاليا . فما حصل قد حصل ، وماهي إلا ضريبة أخرى من الضرائب الكثيرة التي يدفعها المهنيون في كل مكان ، وعلي أن أتابع عملي ، ولا أجعل هذه الحادثة تؤثر على حياتي ومعنوياتي .
يتبع ...
محمد الدحان ..........

خربشات صباحية ........ بقلم المبدع / محمد الدحان

 




أنا ... وفنجان صامت بيني يدي كصمت الدهر ...
راحل أنا حبيبتي لا محالة .....
راحل أنا ولن أعدك بشيء .......
راحل وقد مزقت كل وعودي لك ....
ورميتها خلف ظهري ........
واعتنقت حزني ........
راحل أنا من ظلمة تهت فيها ......
ومن عاصفة حملتني بعيدا رياحها ........
ومن أمواج قذفتي إلى النسيان .....
ومن ذكريات ......
تلاحقني كظلي .....
ولا ترحمني ......
سأرحل وحدي .....
أجوب قفار خيبتي .......
وأدوس أشواكا زرعتها بيدي .......
بقدمي الحافيتين .......
لا ألم أشعر به .......
ولا إحساس ....
ولا وجع ......
كصحراء قاحلة صارت حياتي .......
لاخضرة فيها .......
لا زرع .......
لا ماء .......
ولا واحة خضراء تأويني .....
أرتمي في حضنها .......
أو تظللني .......
سوف أختفي .....
وسيختفي معي ظللي .......
وسأتوارى ........
كما تتوارى شمس المساء ......
وسأصمت حين ينتهي مني الكلام .......
وسأتوقف عن الكتابة حين يتعب قلمي ......
وحين يجف حبر أشواقي إليك ..........
محمد الدحان ......
خربشات صباحية ........


بشاعة بقلم الأديب المبدع / عبد الحميد سحبان - المغرب

 قصة قصيرة جدا

بشاعة
لم يسأل نفسه يوما عن نهاية المهزلة، بل ظل يعتقد أنها مجرد مسرحية هزلية، لكن أطوارها الأخيرة لم تكن ساخرة بل خاسرة بكل الأوصاف والنعوت، تحولت على إثرها إلى حرب داحس والغبراء من كثرة الضراوة، ماتت فيها سمات النخوة وكل مقومات المروءة، حتى ضيوف الشرف لم تشملهم ظروف التخفيف.

حبل الوصال 20 بقلم الأديب المبدع / رشدي الخميري جندوبة/ تونس

 حبل الوصال 20

هدأت الأجواء قليلا في المقهى .وهدأت وتيرة الكلام بين الأخوين وصديقهما وأصبحوا يتحدّثون عن موعد القضيّة والشّهود...يدخل المحامي إلى المقهى بعد أن ترك أخته في حيرة من أمرها.، لم ينتبه إلى أحمد ومرافقيه فجلس في ناحية منزوية نسبيّا حتّى يفكّر برويّة ويبتعد عن ازعاج النّاس لتفكيره. اثناء ذلك يدخل أصحاب احمد الآخرون ويتّجهون رأسا حيث أحمد والبقيّة وبعد التّحيّة طلبوا من النّادل مشروبات فذهب ليجلبها لهم عند ذلك قال لهم صديقهم الّذي دخل قبلهم " اراكم لم تستغربوا من جلوس النّادل معنا ومشاركتنا الحديث " فأجاب أحدهم " انا لا أستغرب أبدا فهو صديقنا منذ زمن طويل ثمّ إنّه كان دائما مقرّبا من احمد فلا استغرب أن يكون من أحد أقربائه الذّين نبحث عنهم ههههه" فضحك الأصدقاء كلّهم لكن لكلّ واحد منهم سببا. فأحمد وصديقه الأوّل يضحكان لتخمينات صديقهم الصّائبة أو ربّما لفطنته أمّا البقيّة فضحكوا لانّهم اعتبروا كلام صديقهم- وهو معهم - نكتة. يعود النّادل ومعه المشروبات وبعد إعطائهم إيّاها جلس في مقعده . فقال له أحد الأصدقاء: " كنّا نضحك لأنّ صديقنا اعتبرك أحد أقرباء أحمد ونحن نبحث عنهم من خلال الهاتف ومن خلال أناس يسكنون في مناطقهم في حين أنّك قريب " وعاودوا الضّحك وأحمد معهم فضحك النّادل وأحمد وصديقهم الأول فرحا واحساسا ببداية عودة السّعادة في صفّ الأصدقاء في حين ضحك البقيّة لأنّهم مازالوا ينكّتون.. و تعود الجدّية إلى الجلسة بتدخّل أحد الأصدقاء قائلا أنّه اتّصل بثلاث أشخاص بعد أن تحصّل على أرقام هواتفهم من حلاّق لا تفوته معلومة في المدينة أوّلا لأنّه يمتهن الحلاقة منذ صغره وفي نفس قاعة الحلاقة وثانيا كلّ حرفائه الذين يأتون من الرّيف أو من المدينة هم كهول أو كبار في السنّ وبالتّالي يتحدّث معهم في كلّ شيء. وأضاف أنّ واحدا من هؤلاء الأشخاص يسكن في حيٍ قريب من المقهى . في حين قال أنّ الشّخصين الآخرين يسكنان في أحواز المدينة ، ولكنّ ثلاثتهم من روّاد نفس المقهى الّتي يرتادها الأصدقاء. هذا الخبر فتح شهيّة الأصدقاء الأخرين كي يتحدّثوا عمّا وصلوا إليه من أخبار أو من اتصالات. فتبيّن بعد ذلك أنّهم قاموا بأكثر ممّا هو مطلوب منهم بحيث يمكنهم منذ الآن رفع القضيّة واعتبار الحكم لصالحهم مبدئيّا وهذا من جهة لأنّهم توصّلوا إلى جلّ الأشخاص المطلوبين كشاهدين وحتّى الّذين لم يتحصّلوا عليهم فقد تركوا لهم إعلاما لدى أناس يعرفونهم أو في دكاكين أو مقاهي يتعاملون يرتادونها. وعلى حين غرّة انتبه أحد الاصدقاء لوجود المحامي في المقهى فأشاروا لأحمد بأن يطلعه على كلّ ما وصلوا إليه. وفعلا هذا ما فعله حتّى أنّ المحامي استغرب لسرعة تحرّك أحمد وأصدقائه ، لكنّ أحمد لم يترك استغراب المحامي يمرّ دون ان يعلّق بأنّ طلب الحقّ والإحساس بضرورة ذلك هو المحرّك " فما ضاع حقّ وراءه طالب" كانت هذه الجملة صادمة للمحامي لأنّه اعتبرها ردّة فعل من أحمد على ما يكون قد عرفه على اخوته وقد يعتمدها لمساومته أو ورقة ضغط ضدّه خاصّة في موضوعه مع زينب. فردّ قائلا : " لم تكن هذه انتظاراتي من شخص توسّمت فيه الطّيبة والرّسانة والعقلانيّة" اضطرب أحمد من كلام المحامي فهو إن فهمه فإنّه لم يفهم غايته. فقال " اعذرني استاذي الكريم ، هل معنى كلامك أنّني يجب أن أتنازل عن حقوقي ومطالبي؟ " فيجيبه المحامي: " لا يا سيّد احمد ولكن لا يجب أن تبتزّ النّاس لتتحصّل على حقوقك أو ما تطلبه منهم" كان أحد أصدقاء أحمد قد استرق السّمع في جلّ ما دار بين المحامي وأحمد فتدخّل قائلا :" استاذ هل تسمح لي بكلمة على انفراد" انتفض أحمد آنذاك فالمحامي لم يفسّر له جملته الأخيرة الّتي أثارت غضبه وأراد أن يواصل حديثه مع المحامي. إلاّ أنّ صديقه أصرّ على طلبه من المحامي فهو يريد أن يتدخّل ليحول دون وقوع مشكلة بين المحامي وأحمد. رضخ أحمد على مضض،فاستفرد الصّديق بالمحامي ليقول له أنّ أحمد ليس له أدنى فكرة حول عائلة زينب وما فعله أبوها وأخويها الأخرين. عندها رجع المحامي لأحمد واعتذر على سوء تواصله معه متعلّلا بصعوبة ما يمرّ به هو وعائلته من جهة وبصعوبة القضيّة الّتي سيرفعها لصالح المدينة كلّها تقريبا ضدّ مجموعة أغلبهم غير معروفين. ولأنّ احمد طيّب فقد فبل اعتذار المحامي بل وقبّله ليبيّن له حسن نواياه . وعاد الاستقرار إلى المجموعة وعبّر لهم المحامي على حسن استعداده للمرافعة لصالحهم في قضيّتهم وأعلمهم أنّه استدعى معه أشهر المحامين ليكونوا عونا له وسندا فقد يخفق في خطوة ما وما لم يبح بها للأصدقاء أنّه قد يأخذه الحنين ففي القضيّة أخويه ومهما يكن من أمر فهما يعنيان له الكثير. وعندما أبلغوه الأصدقاء بما توصّلوا إليه فرح ولم يفرح..فرح لأنّ الشّهود سيسهّلون عليه بعض الأمر أو ربّما جلّه ولم يفرح من جهة أخرى فأخويه سهل أمر إدانتهم.. ورغم ذلك سيقوم المحامي بما يمليه عليه ضميره المهنيّ فهكذا تعوّد أن يتناول قضاياه.
زينب ربّة البيت الصّبورة المتعقّلة، بعد كلام أخيها المحامي معها، مسحت دموعها وأحضرت طعام الغداء ثمّ بدأت تستعدّ نفسيّا لما قد يأتي من أحمد..أخويها..أخوها المحامي..تبادر إلى ذهنها أنّ أحمد بعد أن يعرف ما فعله أخواها وأبوها فقد يقطع علاقته بها رغم حبّه العظيم لها ورغم أنّها كما قال تمثّل حياته وسبب عيشه. لكنّها في داخلها كانت مطمئنة لأنّها عايشته عن قرب وخبرت معدنه وفي نفس الوقت كانت تخاف من تأثير النّاس وخاصّة الّذين تضرّروا من افعال عائلتها بدون اعتبار المحامي الّذي لم تكن له أيّة صلة بأخويه خاصّة فيما تعلّق بأعمالهم خارج البيت. تبادر إلى ذهنها أيضا أنّ أخويها قد يردّان الفعل على تحرّك أحمد فيضرّانه بشكل أو بآخر وهي لا تحتمل النّسيم يحرّك شعرة من أحمد ..وهذا بعث فيها حيرة و خوفا لا يوصفان فالغريق يتعلّق بأيّ شيء وهذا حال أخويها..ثمّ ذهب تفكيرها إلى أخيها المحامي المسكين الّذي وضع بين نيران لم يكن له فيها يد ولا ساق سوى أنّه انتمى إلى مدينة ملغّمة بالأحداث وإلى عائلة " ربّها يضرب الدّفّ فكيف نلوم الصّبية على الرّقص.. " فعلا كان اللّه في عون زينب والمحامي..عاد المحامي بعد مغادرة المقهى وذهنه لم يقف عن التّفكير والبحث عن حلّ يخرجه من ورطة الأخوّة من جهة ودوره كمحام أقسم على أداء واجبه وملازمة الحياد والانحياز إلى المظلوم من جهة ثانية. يدخل المحامي فيجد أخته في المطبخ تقريبا حيث تركها فتقف لتستقبله وكأنّها لم تره منذ سويعة أو أكثر بقليل مرّت. فيقبّل جبينها ويدعو لها بطول العمر. فقالت له " أرى أنّ خروجك قد هدّأ من روعك أو ربّما وصلت إلى حلّ أراح ضميرك" فيجيبها" ليست المشكلة مع ضميري بل مع قلبي وإحساس الاخوّة أكثر من أيّ شيء آخر" فأظهرت زينب رجاحة عقل ورسانة جعلت المحامي يهدأ بعض الشّيء. زينب طرحت على أخيها ان يحاور اخويه في شأن تلك القضايا ويعرف إلى أيّ حدّ هما متورّطان وعلى أثرها يحدّد كيفيّة التّعامل مع تلك القضايا وقد يجد مخرجا قانونيّا يحسم الأمر أو على الأقلّ يجد موقفا يساعدهما على التّخفيف من ضلوعهما في تلك القضايا. ابتسم المحامي وقال لأخته" قد أحتاجك في مرافعاتي المقبلة إذا انتهت قضيّتنا هذه بسلام أو بأخفّ الأضرار"انتظر المحامي عودة احد اخويه من المسجد فهو اصبح لا يضيّع وقت صلاة خارج المسجد بل وأصبح من الزّاهدين وترك " الدّنيا بكلّ ملذّاتها " وهاهو يعود. قبّل اخته من جبينها ودعا لها بطول العمر وطلب منها ان تضع الغداء على الطاولة ولتدعو اخاهما المحامي .جهّزت زينب بما لذّ وطاب من طبيخها الّذي ورثته عن أمّها قبل أن تفارقها وهي شابّة يانعة. بعد تناول الغداء ومع كأس الشّاي طرح موضوع القضايا المنوطة بالأخوين وأبيهما فما كان من الأخ الاكبر إلاّ ان اعترف بكلّ الّذي حضر عليه ،فاتّضح من خلال كلامه أنّ أبيهم هو الفاعل في عدّة قضايا لكنّه كان عبدا مأمورا وهناك عصابات كانت ترغمه على فرض سيطرته على المدينة وقال أنّه يملك أدلّة على ذلك . كان هذا الكلام " بردا وسلاما " على قلبي المحامي وزينب حتّى أنّهما ارتميا في حضن اخيهما وقبّلاه من الفرح. لم ينتظر المحامي عودة أخيه الآخر فهو خارج البلد في سفرة عمل.
رشدي الخميري/جندوبة/ تونس

قصة قصيرة سارق أم مسروق ؟ بقلم الأديب المبدع / د. سعد جبر عميد كلية الإعلام بجامعة باشن

 قصة قصيرة

سارق أم مسروق ؟
أخذ شهيقاً كبيرا وهو يرتدي قفازات حديثة لا يمكن معها تتبع البصمات ، شد الرحال لبيت جاره الوحيد الذي لم يسرقه، كان يراه كل يوم يجر قدميه القصيرتين مقلدا السلحفاة البرمائية حين تزحف على الشاطئ وتدعي أنها تسير، كان يعرف أن وجهته واحدة من اثنتين إما المسجد أو المقهى، إنه رجل لا يحتاج لمراقبة فمخطط حياته وحركاته مرسوم بهدوء يتحرك فيه بعناية وحذر لا يكاد يخطئه كأنما هو لعبة القطار السريع الذي فرغت بطارياته الجافة فكاد أن يتوقف لكنه لم يفعل،
حمل حقيبة فارغة ولف رأسه بلفافتين سميكتين أغلقتا نوافذه السبعة فلا نعرف كيف يسمع ولا كيف يرى ، فالجو بارد جدا والليلة حالكة السواد محق سوادها قمر الليالي وتنتظر الدنيا هلالا جديدا بأقرب وقت،
انسل بلا صوت ولا صورة، كان يحفظ مداخل بيت جاره ومخارجه ولا يحتاج لدليل ولا لوقت للتفكير في أي شيء، لكنه استطاع الدخول من المدخل الكبير بكل سهولة فالباب عتيق يمكن فتح قفله بمعظم مفاتيح الدنيا
هدوء رهيب لا يخشى منه، وظلام دامس يضطره للبحث عن مفتاح الضوء، تجرأ ففتحه، وليته ما فتحه ..تفاجأ بجاره العزيز يقف أمامه لا يكاد يظهر منه شيء سوى جبهة عريضة بها بصمة مميزة معروفة وتجاعيد ترسم خريطة العالم كله بطريقة مختلفة ، لم يكن يفصله عنه إلا بوصة أو بوصتين، ولبرهة فكر في إغلاق مفتاح الضوء مرة أخرى لكنه ضرب الأخماس في الأسداس فوجدها متساوية، ماذا عساه أن يفعل هذا المسكين ؟ لكن تفكيره طال لأكثر من برهة، كيف ومتى وصل هذا الرجل عندي؟ كاد أن يصرخ من شدة الدهشة فجاره الهرم كانه لم يره تحرك ببطء عائدا لفراشة في غرفة النوم الصغيرة مفتوحة الباب، قتل الفضول صاحبنا ليتابعه خطوة بخطوة في مشهد درامي ساخر نسي معه هدفه ومقصده، وصبر دهرا حتى دخل الرجل غرفته والتحف بطانيته ونام، لقد سمع غطيطه بعد أن اختفى داخل البطانية بثانيتين اثنتين، جال السارق ببصره مقتحما كل شبر يمكن رؤيته بالغرفة الضيقة فلم يجد شيئا رجع خطوتين للخلف أخذ يقلب كل ما يراه أحدث جلبة وقعت الأطباق وأدوات الصيد القديمة ومنضدة لا شيء فوقها ولا شيء تحتها، رفع رجله ليتعدى بعض الكراكيب ثم لم ينزلها تسمر مكانه واقفا على ساق واحدة ما هذا؟ سجادة الصلاة ؟ رباه ماذا أفعل؟ ترى هل يدوس بحذائه المتسخ على السجادة ؟ لا وألف لا ؟ إلا الصلاة لقد تربى على أن لا يمر من أمام أبيه عندما كان يصلي وكان يقبل المصحف والسجادة ويرفعهما بأعلى رف في البيت، كان أبي يصلي كل يوم، نعم كل يوم .. رحمك الله يا أبي، حاول أن يقفز بخطوة واسعة كان متدربا على القفز العالي وتخطي الحواجز، وبكل قوة فعلها أحس بفرحة غامرة أنه استطاع احترام السجادة وأنه لاتزال به قوة للقفز حتى ولو على ساق واحدة، ولكنه لسوء أو حسن حظه ركل بقدمه مطهرة الوضوء أحس ببرودة الماء تصل إلى مخ عظامه حين تبللت قدمه من مائها ، ارتعش قلبه وهو يقول كيف يكون هذا ماءً للوضوء؟، استطاع أن يدركها قبل أن تغرق بمائها المسكوب كل شيء، فكر في التأكد بنفسه من برودة الماء التي صدمته ، خلع القفاز الأيمن، توقف الزمن وتجمدت أصابعه حين لامست أنامله الماء البارد، في صفحة الماء ظهرت صورته متخفيا عن نفسه، الضوء لا يكفي لرؤية التفاصيل لم يخرج يده من الإناء الفضي اللامع النظيف أسرته زخارفه القديمة لكنه استطاع أن يقرأ كلمتين على الغطاء الذي تنحى جانبا ليظهر له جمال الماء وبرودته، أعاد قراءة الكلمتين مرتين أو ثلاثاً، قال في نفسه ربما لا يملك هذا العجوز أغلى من هذا الإناء إنه غنيمتي الليلة، لا تزال يده هناك نسيها وتذكر أمه حين كانت تتوضأ لصلاة الفجر كل يوم، نعم.. كل يوم، ترددت عينه بين المطهرة والسجادة المخملية السميكة ، فكر في ضمها للغنيمة، أخرج يده من الماء نسي شدة البرودة بمجرد ملامسة أهداب السجادة المحكمة النسيج، مر بيده عليها مرة أو مرتين ثم غاب عن الوعي لم يدر أين هو إلا بعد دقائق، فتح عينيه ليجد قفازاته ملقاة عن يمينه ولفافات رأسه عن يساره ومعظم جسده يتقاطر ثلجا لا ماءً، كانت قدماه مصفوفتين في أدب جم على السجادة المخملية الخضراء، وهو متجه للقبلة، يحاول أن يقول كلمتين خفيفتين كانتا على ذلك الغطاء المزخرف القابع فوق المطهرة، كان ينظر لكفيه المرفوعتين للسماء ينتظر شيئا جميلاً لكنه لا يدري ما هو.
بقلم د. سعد جبر عميد كلية الإعلام بجامعة باشن
ديسمبر 2022م

حلم امرأة بقلم الأديبة والشاعرة المبدعة / سلوى بنموسى - المغرب

  حلم إمرأة

ذات يوم جاءها فارسها الهمام ؛ يطوي الأرض طويا ؛ بفرسه الأبيض ؛ دق قلبها ! تخبطت في أحاسيسها ؛ وكينونتها . تتسائل في قرارة نفسها ؛ من يكون الغريب ؟ ولم هي دون سواها من بنات جنسها يوليها كل اهتمامه !
إنه يبتسم لها ؛ يعلو زفير المسكينة ؛ وجهها به حمرة من الخجل والارتباك .
إنه ينادي عليها باسمها .
أيعقل هذا ؟ من يكون وماذا يريد !
انتشالها من وحدتها وهمومها ؟
مساعدتها والأخد بيدها إلى عالم الصفاء والنور !
أم تراه حسبها دمية بين يديه تلبي غرائزه الحيوانية
ليس إلا ؟ في كل وقت وحين !
ويحه ! انه يقترب أكثر فأكثر من روحها .
أتلبي النداء وتتعانق القلوب !؟
وتزيل عنها جفاف السنين ! وحسرة وألم ؛ وسوء الطالع والمكتوب ؟
تترنح أفكارها بين ؛ رافض وملبي لنداء
نداء من يشيلها من الغرق ؛ ويبحر بها إلى طريق البر
ومصالحة الذات .
مازال يمد يده فما تراها فاعلة يا ترى ؟
آمنت بالتغيير ؛ وإعطاء فرصة أخرى ؛ لطفل القابع وسط أضلعها ؛ لرفض الاعتكاف ؛ والقرب من العنصر الخشن .
مدت يديها له ؛ وفي عينيها بريق أمل وتفائل ؛ من رب العالمين عساه يبدل حياتها ؛ إلى الأحسن بفضل عظيم ؛ قوته وجاهه .
حاولت أن تلمس أطراف أصابعه الممدودة نحوها .
ولكن شر سقطة قوية كانت من نصيبها !
من أرماها أرضا يا الاهي ؟
إنها هي بعينها ؛ قد هوت أرضا من سريرها !
عظامها المكسرة توجعها كثيرا
أما قلبها فإن دقاته تتسارع ؛ كما لو أنه يعزف عزفة الوداع
أما روحها فحدث ولا حرج .
وا أسفاه ! لقد كان مجرد حلم ليس إلا !!
دنت منها أمها سائلة مستفسرة : هل أنت بخير ؟
أجابتها بايماءة من رأسها أي نعم .
وسيل من الدموع تخنق أنفاسها .
حسبته منقدها ولكن وامصيبتاه !
كان مجرد حلم لذيد وقاس .
لله الأمر من قبله ومن بعده .
استر رجاءا على الولايا يا رب العالمين .
وجد عليهن بفيض عطائك ؛ بالستر والصلاح والفلاح
يا قدير .
المستضعفات في الأرض كاتيرات !
فكن يا جليل ؛ سندا لهن ؛ ومعينا لهن لتحمل الأيام الصعاب .
يا رب العالمين ؛ نادية يا أنا !
في سكون الليل العميق ؛ والرجال سكارى ؛ والأرامل ضحايا !
واليتيمات حزانى والفتيات طامعات حالمات .
لعفوك ولكرمك يا سيدي ويا مولاي .
فتبت منحانا لصراط المستقيم ؛ وكن لنا بفضل قوتك
أعز سند وأخلص رفيق في ليالينا المظلمة .
الأديبة والشاعرة سلوى بنموسى / المغرب


تواضع قصة قصيرة جدا للأطفال بقلم الأديبة المبدعة / أميرة صارم - سورية

 قصة قصيرة جدا للأطفال

تواضع
غارت كريات الدّم من بعضها، فقالت الحمراءُ باستهزاء: يحبُّني الجميع و يرونني رمزاً للمحبّة، و أنتِ لا يرى لونك أحد.
ردّت الكريات البيض: أنا أُطيب جروحهم دون أن يدروا كي لا يشعروا بالدّين لي.
أميرة صارم / سورية

اللّحظة قصّة قصيرة جدّا بقلم الأديب المبدع / م.فتوح - تونس

 قصّة قصيرة جدّا:

اللّحظة
شجرة الياسمين يعطّر أريجها فناءَ الدار...كعادتها، تجلس سرور تحتها...عيناها زائغتان...لا أثر فيهما لغير نور دافئ...كأنّها في لحظة غير اللحظة...لعلّها لحظة مضت أو لعلّها لحظة قفزت إليها قبل أن تحين...
تغمس ريشتها في مداد الأيّام...تحاول أن ترسم ملامح فرح على ورق أسود... لا أحد يهتمّ...
تتشبّث بريشتها...تحاول...تحاول...تتعاظم من حولها أكوام الورق الأسود... يفتر ضوء السماء...ينسحب النبض من اللحظة...لا أحد ينتبه...
م.فتوح
تونس

لـــولا المـــلامة بقلم الشاعر المبدع / حمودة سعيد محمود - مصر

 لـــولا المـــلامة

***********
ولقـد مـررتُ ببـاب قلبكِ مـرةً
فوجدتُ فيه من الرجالِ ألـوفـا
البعضُ منهم في جمالكِ سابحٌ
والبعـضُ كــان مُتيَّمـا ملهـوفـا
ماذا صنعتِ بمهجتي وبعـزَّتي
حتى أرى قلبي الضعيفَ شغوفا
لمَّـا نظرتُ إلي محـاسن وجهها
بدت الورود على الخدود كسوفا
فعزمتُ أسبح في هواك كعادتي
والقلبُ أضحي عاشقا وعطوفا
كيف السبيلُ إلى وصال حبيبتي
إني أرى فوق الصفوف صفوفا
فحملتُ حبري وامتطيتُ قصيدتي
وبـدأت أنظـمُ في هواكِ حروفـا
لـولا الملامةُ جئتُ بابك طارقا
حتى وإنْ رفعــوا عليَّ سيوفا
إن كان حبكِ قاتلي يا رضوتي
حنِّي علينــا واصْنعي معروفـا
----------------
شعر / حمودة سعيد محمود
الشهير بحمودة المطيرى
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة