دعاء … قصة قصيرة
شارفت الشمس الظهور عن برزغها ، تعلن ميلاد نهارٍ جديد ، سكونٌ وهدوء يخيم الشارع الصاخب بالمارة والسيارات بأدخنتها الحارقة للوقود ومشاكات الصغار لبعضهم البعض قاصدي المدرسة ، مازالت الهررة والكلاب السائبة تغص في نومٍ عميق ، ومحل أبو سعد مقفل عن بكرةِ أبيه ، كل شيء في سباتٍ وقتي ، الا …. أنا …
أنا دعاء ، فتاة بالعشرين تتخبط بين نظرياتٍ علمانية وثوابت دينية ، منذ زمن ٍ ليس بطويل ، تعرضتُ لعدد من الصدمات ما يكفي لتبليد حمار وتخديره مدى الحياة ، لكني وكما يبدو بعقليةٍ أقوى من عقل حمار !!!
فقد أجبرتُ على ترك الدراسة وأنا في المرحلة الثانوية الاخيرة ، يعني كان الحلم قاب قوسين او ادنى ، فشاء أبي وقتل الحلم برصاصةٍ فاردتهُ صريعاً يعاني الويلات ، أيُ ضربةٍ تقتلُ صاحبها اقوى من هذه !؟؟
مع الاسف .. تعافيت ُ منها وباستماتةٍ من أمي عدتُ للدراسة لكن ،، فقدتُ أبي أثرها ، وغدت أمي هي أبي ، واتممتُ شغفي بالالتحاق باحد الجامعات لاختص بما يواكب وقدراتي ، وهناك التقيتُ بحب حياتي ، ذاك الفارس بحصانه الابيض وقامته الشامخة والشخصية الفكاهية ، يحبهُ الجميع لكنه لا يحب غيري ، يطلُ علينا وصديقاتي بقوة ٍ صاروخية يستميلُ اليه القلوب جمعاء ، حتى الذكور يعتبره قدوة والمستشار الغرامي لجميع انواع الحب ، وقضايا الخجل الانثوي في البدء بعلاقة طيارية مع أي بليدٍ يرغبن به ، أنهُ داينمو الجامعة ودونهُ تتوقف الحركة الانسانية عن العمل ، كنتُ أتسأل : - مثلهُ ماذا جذبه نحوي ؟ ولكن بسرعة اتحاشى السؤال واواصل الحلم الذهبي ، استمدُ غروري من طاقتهِ ، حين يغيب لأظهر نجمة الجامعة وأنوبُ قمرهُ. ، سنتان وأنا غائبةٌ عن الوعي اعيشُ فراشة تحلقُ من غصنٍ لاخر ، حتى دقت ساعة الصدمة ، زفوا بالجامعة خبر خطبته لفتاة اسمها ( ت …) المتختخة ومنكوشة الرأس وهي ترتدي ثياب الجامعة التي ستنتحر الازرار عن قميصها والتنورة المغطية لجسدٍ متعرج التضاريس تحملها قدمان ضخمتان تحتوي زورقاً بالياً ذاب كعبهُ من الصبر على حملها يدعى حذاء ، بالختصار كانت اضحوكةً البنات والشباب ، كيف لمثله يسعد بهذا الارتباط !! حقاً اعادني السؤال لتساؤلي القديم عندها فهمت .. وشربت ُ المقلب ، عفواً الصدمة وانا أقاوم ومحصنة بسور منزلنا وتضامن أمي الغريب ، بعدما اكتشفنا أنه استاذنا بالجامعة ويتنكر بزي الطلاب ، يتقرب من الطالبات ذوات العقد المكلكعة ليفكها ثم يتركها قصاد الريح ، حسناً لنتمهل قليلاً ، إن كانت ( ت ) ملفتة للنظر بشكل مريب ، فما بالي أنا ؟ الانثى من النبع حتى الصب ! حتى استكشفت أمي ذات الحس البوليسي بأني كنتُ طاووس الجامعة فأشبعني غروراً على غروري ثم تركني وانا كلي ثقة بحبه ِ من اجل اخرى لا تساويني بشيء ، حسناً هنا تبددت الصدمة ، وعدتُ لطبيعتي المعهودة … طاووس ..
وفي لحظة رن جرس المنبه وصوت أمي وهي على سجادة الصلاة :- اللهم إهدي ابنتي دعاء وارزقها الذرية الصالحة .. فما كان مني غير إن اغرس راسي في حضنها الطاهر واردد .. آمين ..
تمت
بقلمي
لقاء زنكنة
٢٠٢٢/٦/٨
،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق