الطبيبة.... قصة قصيرة من واقعنا
د عزمي رمضان
الاردن
فقيرة معدمة الحال ، لا جاه ولا مال ،والدها في نظرها كان سيد الرجال ، خاض مصاعب الحياة ومصاعب الأعمال ، ما فتئت عزيمته من الاحمال .
في بيته كانت بسمته فيها لمسة جمال ، وكم سرد لهم من الحكايا والاقوال ، كانت تفخر به في كل الأحوال ، هو طعم الحياة وبسمتها لها ولاسرتها اذا الحديث عنه جال.
كان سعيدا بعمله يؤمن طلبات بيته واسرته وابنته ، ولا يشكو العيلة وقلة المال ، كان وصولا لرحمه ودائما بهم على وصال .
عامل نظافة كان ، ويفخر بعمله اينما كان ، وكان صغار العقول يسخرون منه ويستهزؤون منه لانه فقير الحال ، وكانت ابنته تلحظ ذلك وتخفي دموعها التي كان يمسحها بطرف كمه ، ويبتسم لها ويقبلها بين عينيها حين كان يوصلها لمدرستها القريبة من بيته.
كانت سعيدة سعادة الكون في اسرتها ، واجتهدت دون كلل ودون ملل في دراستها رغم حزنها لاستهزاء الناس بوظيفة والدها ولباسه. لم يعلموا انه ينظف اخلاقهم ويمسح اوساخ عقولهم المهترئة ، ويرتقي فوق اخلاقهم بخلقه الجميل ، كان يبتسم للجميع حتى لو نظروا له النظرات الدونية .
واجتهدت الابنة وتفوقت بجدارة لترفع راس والدها عاليا بها
مما أهلها لدخول الجامعة بكلية الطب منحة لها لمعدلها المتفوق العالي ، واجتهدت اكثر فاكثر وتفرغت كليا لدراستها مما جعلها تتفوق على نفسها وتفاجيء الجميع ان ابنة عامل النظافة تتفوق على الجميع فاحبها الجميع لدماثة خلقها من مدرسين وادارة الجامعة وزملائها الذين أصبحوا يكنون لها كل احترام وتقدير. ارادت ان تصبح طبيبة متميزة لتساعد كل محتاج. وترفع راسها بوالدها فخرا. وتفتخر به في كل مكان.
وجاء يوم الحصاد وتفوقت وحصلت على المركز الاول مع مرتبة الشرف الاولى بتميز منقطع النظير وحان موعد التخرج من الجامعة ، لحظة طالما انتظرتها وتعد العدة لها.
طلبت من والدها ان ياتي لحفل التخرج بملابس العمل فرفض ولكنها اقنعته بذلك فاستجاب لها وحضر مع اسرته ليشاهد تكريم ابنته التي طالما حلم بها بان تكون طبيبة متميزة.
كانت الابنة في اول الحضور بين الخريجين كونها الاولى على الجامعة بحصولها على التميز بمرتبة الشرف الاولى
وتحدث منسق الحفل ودعا راعي الحفل للوقوف على المنصة لتسليم الشهادات للخريجين وتكريم المتفوقين، وكان اسمها الاسم الاول بين الخريجين فصعدت وتسلمت شهادتها وتكريمها ، واعلنت ادارة الجامعة فورا انها قد عينتها مباشرة كمعيدة في كلية الطب وتعيينها كطبيبة في مستشفى الجامعة .فاستاذنت من راعي الحفل بان ياتي والدها الى المنصة فوافق ونادت عليه واخذ يلتفت يمنة ويسرة وهو خجول، فقام من مقعده وتقدم نحو المنصة وساعدته ابنته للصعود فقبلته بين عينيه وصرخت باعلى صوتها ورفعت يده عاليا هذا هو ابي
هذا هو فخري وسبب سعادتي وتفوقي هذا عامل النظافة الذي جعل مني طبيبة متفوقة وانني في هذا اليوم اهدي شهادتي وتفوقي وبكل فخر له. واشكركم جميعا فقام الجميع احتراما وتقديرا للوالد وابنته الخريجة ودوى التصفيق الحار في القاعة من هيئة التدريس وراعي الحفل ومن الطلبة جميعا والاهالي الذين حضروا التخريج وشكر الوالد ابنته وحيا الحضور ونزل من عن المنصة مع ابنته والدموع تملأ عينيه واعين كل من حضر واستمر التصفيق حتى عاد كل الى مكانه لحين انتهاء مراسم التخريج والكل يبتسم لهم.
### بقلمي د.عزمي رمضان