Translate

الأربعاء، 11 مايو 2022

زنجي أبيض بقلم / إحسان علي العارضي - العراق


 زنجي أبيض

حين لامس شعاع الشمس لون بشرته الداكنة، ابتلعته خلاياه المتراصة القاتمة، نأى بنفسه عن الجميع، جالس أنيسه الوحيد بقلب سليم، دائما يحاوره ويلعب معه فرحا به، أنه ينبع من أعماق قلبه الساحر على قسمات وجهه الضاحك دائما، ببراءة متناهية قال له:
- أنا ليس لدي غيرك.
- طبعا أنت صديقي الوحيد.
- أكيد نحن لانعيش إلا سوية ولانموت إلا سوية.
- أكيد
لغة الإفتراق تلاشت من مخيلته، وكذلك رديفه الروحي، صديقه المدلل، الذي لاينفك يتكلم معه، حتى أمه السوداء تسترق السمع من باب غرفته، تبدي إستغرابها الكبير لذلك، إنها تفرح أن لإبنها صديق أبيض، كأنهما روحين في جسد واحد قد تساميا على معاملة الشارع العنصري المقيت، وطرد الصبية البيض لذلك الطفل الأسود الصغير من أن يلعب معهم: أغرب عنا يازنجي...
كان يعتصر ألما لذلك السباب الشنيع الذي أشبعوه الكبار لصغارهم...
أمه تمنت أن يلعب مع الصبية الآخرين، وأن يترك البيت، رفض بشدة، وقال لها: يكفيني صديقا واحدا يا أمي، لا أحتاج للغير إنهم يكرهون بشرتي، أما هو أبيض وهو يحبني وأنا أحبه.
كانت العنصرية لاترغب في ذلك وترش البنزين على الحطب، قامت الأم بالتكلم مع الطبيب النفسي، حول إبنها، حين قالت له أن لديه صديق وحيد، ويقفل عليه الغرفة حينما يلعبان، كنا نسمع حوارا ولكن ولا مرة رأيت ذلك الفتى الأبيض عندما يدخل أو يخرج من بيتنا حتى أشكره لأنه وافق على اللعب مع إبني، وعندما أسال إبني عنه... يتحجج بحجج مختلفة، ابتسم الطبيب النفسي بحزن مدقع كبير ثم قال:
- أن صديق إبنك الأبيض لاوجود له!
- عجيب كلامك يادكتور، أنه يتكلم معه، وأنا أسمعه!
- نعم أكيد، ولكنه يحاور سريرته البيضاء فلا تحزني.
إحسان علي العارضي / العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركات الأعضاء

العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل

  العين السابعة قصة قصيرة تأليف : متولي بصل        شاءت الأقدار أن أشتري شقة في دمياط الجديدة، وكنت في بداية الأمر أشعر بسعادة كبيرة، ...

المشاركات الشائعة