Translate

الاثنين، 22 نوفمبر 2021

« لعنة الفراعنة » قصة قصيرة بقلم / سمير_لوبه

 « لعنة الفراعنة » قصة قصيرة

صديقي أحمد الذي يأنسُ لحديثي في علمِ المصرياتِ واللغةِ المصريةِ القديمةِ من أهلِ الصعيدِ ، في تلك الأيامِ يكثرُ من الأسئلةِ حولَ الحفرياتِ وما يتمُّ اكتشافُه كل يومٍ من آثارٍ ، ومحاولاتِ البعضِ التنقيبُ عنها خلسةً ؛ ربَّما حقق الثراءَ جراءَ العثورِ على خبيئةٍ أو برديةٍ مدون عليها أسراراً للمصري القديمِ ، لقد عاد أحمد لتوه من زيارةِ الأهلِ في الصعيدِ ، وكلُ حديثِه ينصبُ في هذا المنحى لا يملُّ ولا يكلُّ من تلك الرواياتِ التي يحلمُ أن يطرقَ الحظُ بابَه ؛ ويعثرُ على ما يغيرُ به مجرى حياتِه ، ويعيشُ عيشةَ الثراءِ ، وإذا بي ذات يومٍ أفتقدُه ، أعلمُ بسفرِه المفاجئ للصعيدِ ، فلا أعبأ ؛ فقد اعتدنا سفرَه المتكررَ في الآونةِ الأخيرةِ مع ملاحظةِ التغييرِ الذي طرأ عليه ، فقد صار شارداً معظم الوقتِ ، لا يهتمُّ بمظهرِه ، وفي إحدى الأمسياتِ تلحُّ عليَّ الرغبةُ في الاتصالِ تليفونياً للاطمئنانِ على حالِه ، فإذا برنينِ هاتفي يخترقُ سكونَ أمسيتي الهادئةِ ، إنه أحمد :
- ألو.. أينَ أنت ؟! لماذا غبت كلَ هذه الفترةِ في قريتِكم
يجيبُني بصوتٍ هامسٍ :
- لابدَّ أن تأتيني في أسرعِ وقتٍ .
- حاضر .. حاضر .. اهدأ ماذا حدث ؟ ! قل لي .
يجيبُني بصوتٍ متقطعٍ ، تكادُ أنفاسُه المتلاحقةُ تخرقُ سماعةَ الهاتفِ يتملكُني قلقٌ شديدٌ عليه :
- من فضلِك .. اتركْ كلَ شيءٍ وتعال بسرعةٍ .
ينقطعُ الاتصالُ فجأةً ، وتفشلُ كلُ محاولاتي في معاودةِ الاتصالِ ، وتمرُّ ساعاتُ الليلِ متثاقلةً ، وأنا مشغولٌ بغموضِ المكالمةِ ، وما أن تنشقَ السماءُ عن صباحٍ جديدٍ حتى أسرعَ للعملِ طالباً الإذنَ للسفرِ ؛ فلربَّما زميلي في ضيقٍ ؛ فأكونَ إلى جوارِه ؛ ليتجاوزَ محنتَه ، تصلُ الحافلةُ بعدَ ساعاتٍ موقفَ السياراتِ ، أجلسُ على مقعدٍ حجري ؛ فقد أنهكتني ساعاتُ السفرِ ، يرنُّ هاتفي ، أحمد يكلمني ، ولكنَّ هذه المرةَ بصوتٍ متأنٍ له صدى ، وكأنَّ الصوتَ خارجٌ من بئرٍ عميقٍ ، يطلبُ مني أن أبحثَ عن سيارةٍ خاصةٍ وأطلبُ من السائقِ أن يوصلَني إلى المقابرِ في الطريقِ القديمةِ ، وسيجدني في انتظارٍه هناك ؛ فمنزلُه متاخمٌ للمقابرِ في الطريقِ القديمةِ ، باءت كلُ محاولاتي بالفشلِ كي أفهمَ كلَ ذلك الغموضِ ، يؤكد لي أنه سيخبرني بمجردِ أن يلقاني ، وبالفعلِ سألت المنادي عن سيارةٍ خاصةٍ ولكن الجميعَ يرفضُ الطريقَ القديمةِ ، والوقتُ يداهمُني ، والليلُ يزحفُ وأنا ما زلت في الموقفِ في حيرةٍ وقلقٍ لا سيَّما الاتصالَ على أحمد صار غيرَ متاحٍ ، وإذا بمنادي السياراتِ فجأةً يخبرُني أنَّه وجد من يوصلني ، رجلٌ مسنٌ يرتدي معطفاً رثاً وقبعةً صوفيةً باليةً ، السيجارةُ بينَ شفتيه ينفثُ دخانَها ،والسيارةُ متهالكةٌ ولكن ما باليدِ حيلةً ؛ فقد دخلَ الليلُ وليس أمامي إلَّا الرضوخُ والقبولُ بركوبِ تلك السيارةِ ، وما إن انطلقت وبدا أمامي طريقٌ ضيقةٌ مظلمةٌ ، يبادرُني بلكنتِه الصعيديةِ متسائلاً
- من أينَ أنت يا أستاذ ؟
- الإسكندرية
- وهل جئت في زيارةٍ أم عملٍ ؟
- والله لي زميلٌ من أهلِ البلدِ ، وقد دلَّني أن أنزلَ عندَ المقابرِ في الطريقِ القديمةِ ؛ ليلقاني هناك
- أكيدٌ هو من أهلِ القريةِ المتاخمةِ للمقابرِ ، فتلك الطريقُ لا يلجأ إليها إلَّا من يقطنُ قبلي القريةِ ؛ ليختصرَ المسافةَ ، ولكن نادراً أن تجدَ من يتخذُها طريقًا في الليلِ ، ولولا عودتي لقريتي القريبةِ منها ، ما وجدت من يقلُك في مثلِ هذا الوقتِ من الليلِ إلى الطريقِ القديمةِ .. تتملكُني الريبةُ من حديثِ الرجلِ :
- وهل في ذلك ما يزعجُ ؟!
- أبدًا حكاياتٌ ينسجُها خيالُ الناسِ ، ولكن هي مجردُ طريقٍ قديمةٍ هجرها الناسُ ، ونادرًا ما تجدُ فيها بشرًا لاسيَّما وقتَ الليلِ ، هل سينتظرك زميلُك ؟
- آملُ في ذلك
- ها قد وصلنا
- الظلامُ دامسٌ ، ولا أثرَ لأحدٍ ، المكانُ موحشٌ جداً
- ربَّما كان زميلُك ذلك الواقفَ هناك على حافةِ المقابرِ
- نعم هو .. أشكرُك جداً
- مع السلامةِ .. زيارةٌ سعيدةٌ
تنطلقُ السيارةُ ، وقد امتدت أنوارُ مصابيحِها على الطريقِ ، وعيني على زميلي أشيرُ إليه ؛ فيبادلُني الإشارةَ ، أتوجهُ إليه وفي إحدى يديه مصباحاً وفي يده الأخرى فيما يبدو لفافةٌ ، يتلفتُ حولَه في ريبةٍ :
- ماذا بك ؟!
- انظرْ ماذا وجدت تحتَ منزلِنا القديمِ .. آثارٌ ومعها تلك البرديةُ ؛ استدعيتك على عجلٍ لتقرأ ما كُتبَ فيها من اللغةِ المصريةِ القديمةِ
اعترتني الدهشةُ ، وأنا ممسكٌ بالتمثالِ الذهبي الصغيرِ ، أحاولُ قراءةَ البرديةَ ، يلحُّ عليَّ سؤالٌ :
- ولماذا لم تخبرْ المسئولين بما وجدت ؟!
- لا يمكنُ .. أنت لا تعرفُ كم كلفني الأمرُ ، لن تتخيلَ ما عانيتُه لأصلَ لتلك الخبيئةِ .
- وهل هناك أكثرُ من ذلك
- مقبرةٌ كاملةٌ بكلِ ما تحوي ، وكانت البرديةُ فوقَ التابوتِ ، ولم أشأ أن أبدأ في تصريفِها قبلَ أن أفهمَ ما جاء فيها ، وأنت الوحيدُ الذي أثقُ فيه ، وتجيدُ قراءةَ اللغةِ المصريةِ القديمةِ ؛ لأعرفَ سرَ المقبرةِ ، ومن صاحبُها .
- ولكن في ذلك خطورةٌ عليك
- لا تهتمُ .. فقطْ اقرأ لي البرديةَ ؟
رفع يدُه بالمصباحِ القديمِ ؛ كي أتمكنَ من القراءةِ ، فإذا بها وقد كُتبَ عليها
" فلتواجه مصيرَك . لن يغيرَ موتُك شيئاً . لن يختلَ توازنُ الكونِ لفراقِك ؛ ستغيبُ مثل ريشةٍ عصفت بها الرياحُ أو حبةِ رملٍ غاصت في أعماقِ الأرضِ ولم يعدْ لها أثرٌ فوقَه "
أرفعُ عيني من على البرديةِ ، أجد أمامي أحدٌ ما ، قد انشقَّ عنه الظلامُ تضئ عيناه الواسعتان مثل عيني ذئبٍ تلمعُ في الظلامِ الدامسِ ، متكفنٌ بشرائطِ الكتانِ ، وقد غرس أظفاره في رأسِ أحمد تسيل الدماءً ، يغوصُ زميلي إلى جوفِ الأرضِ ، فإذا بقوةٍ خفيةٍ تدفعُني خارجَ المقابرِ ؛ لأطيحَ أرضاً في الطريقِ القديمةِ ، أطلقُ قدمي للريحِ تتسارعُ دقاتُ قلبي ، فإذا بضوءِ سيارةٍ قادمةٍ ، توقفت ؛ لأجدَ السائق نفسَه الذي أقلني ، أركب وينطلقُ تعلو ضحكاتُه تشقُ السكون المطبق ألتفت فإذا بذاتِ المومياءِ تقودُ السيارة ، أصرخُ يُبحُ صوتي ينعقدُ لساني .. فإذا بيدٍ تربتُ على كتفي أفزعُ مكاني ، وإذا بي مازلت في الموقفِ قد غفوت على المقعدِ الحجري أتلفتُ حولي ، لأجدَ أحمد يقفُ أمامي في الزي الصعيدي
- آسفٌ تأخرت عليك
- يبدو أنني غفوت قليلاً .. وحلمت أيضاً
- بم يا تُرى ؟!
- وكأنَّني في رحلةٍ نيليةٍ أستمتعُ بأجواءِ الصعيدِ الرائعةِ في الشتاءِ .. ولكن أخبرني ماذا بك ؟ هل أنت بخيرٍ ؟!
- الحمدُ لله .. عُرسُ أخي بعد يومين ، فوجدتها فرصةً أن أدعوك له ، وتشاهد أثارَ مصرَ القديمةِ التي تهواها ، الآن نبحثُ عن سيارةٍ لنركبَها
يحملُ أحمد حقيبتي متأبطاً ذراعي بقوةٍ ، يقفُ أمامَ سيارةٍ فتعقدُ المفاجأةُ لساني ؛ إنَّها ذاتُ السيارةِ والسائق نفسُه !!
- ممكن توصلنا عندَ المقابرِ في الطريقِ القديمةِ ؟
قد تكون صورة لـ ‏نحت‏

ميلاد بقلم / هيثم الجاسم



 ميلاد

اعتاد الحاج علي تمضية المساء بمقهى على ناصية الشارع المحاذي للحي السكني، يجتر مع ثلة من المتقاعدين ذكريات أيام زمان، لا يفكر ولا يهتم لأي شيء معاصر.
قطع كلامه رنين هاتفه الجوال، كان صوت أحد أحفاده يذكره بأن اليوم عيد ميلاده السبعين عاما، ابتسم وتمتم بعبارة: لعب عيال.
ونظر بمن حوله وقد نسي حديثه وأكمل معلقا على المكالمة العاجلة : الليلة؛ أولادي وأحفادي، يحتفلون بعيد ميلادي السبعين ،(وجيب ليل واخذ صور وعلى حس الطبل خفًن يرجليه)،
فجأة قرر الحاج أن يعود للبيت لمنع الأحتفال بالمناسبة، وقال : كبرنا على هاي السوالف.
زجر ونهر من جلسائه، أمسك أحدهم بذراعه : أجلس حجي ،بعد وقت ،عيالك يحبونك ويريدون أن يحتفلوا، اتركهم يمرحون.
مضت ساعتين، ولكن القلق ممسك بخناقه من فكره الحفل وأجواء الهرج مرج . واستعجلهم الذهاب، نهضوا جميعا ،توجهوا الى بيوتهم الغافية وسط الظلام المشروخ بنور مصابيح كابية متفرقة .
تعلم الحاج علي العد التنازلي للعشرة من راس الزقاق لعتبة الدار. كان الصمت مطبقا على المكان حتى الظلام لزج كرطوبة (الشرجي) ،اعتقد الحاج أن الكهرباء معطلة كالمعتاد ،مد يده لزر الكهرباء خلف درفة الباب، أنار فسحة المدخل واصابه الذهول من حالة الهدوء والسكون المخيم بظلاله على البيت، لا أثر للفرح ولا العيد، وفوجئ بالجميع نيام ،يغطون في نوم عميق . وهز يده ثم ردد مع نفسه ساخرا : خربانه

« على فكرة » قصة قصيرة بقلم / سمير لوبه

 « على فكرة » قصة قصيرة

ما زلت أنتظرُها ولمْ تأت بعدْ ، ليلٌ يلقي سكونَه يلفُ أفكاري ، ألقيتُ بجسدي المتهاوي إلى فراشي ، يداعبُني النومُ ، يرتديني الدفءُ ، تتثاقلُ أجفاني ، تمدُّ يديها لي ، تداعبُ خصلاتُ شعرِها وجنتَيها ، تتهادى في ثوبِها الشفافِ الفضفاضِ ، فيتراءى لي جسدُها المرمري المتفجرُ بالحيويةِ ، تداعبُني :
- هيا انهضْ .. فأنا الليلةُ مفعمةٌ بالطاقةِ
- لكنَّ جسدي الليلةَ مُثقلٌ ، خَائرُ الهِمةِ
- إنْ لمْ تنهضْ .. فلن تَلقاني أبداً
متثائباً وقدْ تملكَني النومُ :
- لندع الأمرَ للغدِ
يمتقع لونُها ، يتمزقُ ثوبُها ، يتطايرُ شعرُها ، يخفتُ صوتُها ، تبعدُ ، يبتلعُها الضبابُ الداكنُ ؛ تختفي ، فلا أبالي ، أعانقُ النومَ بشوقٍ ، تطرقُ الشمسُ زجاجَ نافذتي ، يأتيني نهارٌ وضَّاءُ المحيا ، أجلسُ إلى مكتبي ؛ أعبثُ في أوراقي ، أبحثُ عنها دونَ جدوى ..
يضعون فنجانَ قهوتي أمامي :
- علام تحزنُ ؟!
بزفرةٍ حارةٍ وصوتٍ هامسٍ :
- على فكرة .
قد تكون صورة لـ ‏شخص واحد‏

المحاكاة في الأدب بقلم / سمير لوبه

 مقال :

« المحاكاة في الأدب »
بدايةً عندما نتطرقُ إلى الإبداعِ المكتوبِ أو المصورِ، قد نجدُ بعضَ من يلقون بعضَهم بالسرقاتِ الأدبيةِ والفنيةِ ، لذا وجب توضيحُ الفرقِ بينَ التناصِ والتلاصِ في الإبداعِ وعدمِ الزجِ بالمحاكاةِ في هذا الأتونِ .
إنَّ لفظةَ " المحاكاة " كانت في بداياتٌها فكرةٌ صدرت عن فلسفةِ " أفلاطون " وآراءٍ لـ " أرسطو " وما لبثت أن اتصلت بالأدبِ ونتاجِه .
المحاكاة في معناها اللغوي : هي مصدرٌ للفعلِ ( حكي ) ويُقالُ : (حاكيت فلانًا ) أي فعلت فعلَه ذاتَه أو قلت مثل قولِه فالمحاكاةُ تعني المماثلةً والمشابهةَ في الفعلِ والقولِ إن مفهومَ المحاكاةِ أخذه العربُ عن اليونان وكان المصطلحُ المستخدمُ هو الحكايةُ إلى أن جاء عصرُ المترجمين فاستخدموا المصدرَ "المحاكاة"
وقد ورد في بعضِ المعاجمِ الأجنبيةِ أن لفظةَ المحاكاةِ في اللغةِ هي مرادفةٌ لكلمةِ التقليدِ أي إعادةِ الشيءِ تمامًا كما هو .
المعنى الاصطلاحي للمحاكاة : أن يَنقلَ العملُ الفني الواقعَ نقلًا دقيقًا يتسمُ بالحيويةِ والإبداعِ ، ويبتعدُ عن النسخِ ، وبذلك تكونُ المحاكاةُ خلَّاقةً ومتميزةً .
أما المحاكاةُ عند الفلاسفةِ العربِ : خلصت المحاكاةُ في الفلسفةِ العربيةِ إلى تخليصِها من أسطوريتِها وقربوها إلى العقلِ والمنطقِ ، وبذلك لم يَعُد النصُ الشعريُّ مُحاكاةً لواقعٍ هو نفسُه محاكاةٌ لعالمٍ غيرِ مرئي إنما صارت تعبرُ بالبيانِ والإفصاحِ ، وهذا البيانُ الصادرُ عن اللسانِ هو محاكاةٌ لما في الأذهانِ من أفكارٍ وصورٍ أو محاكاةٍ لما تراه العينُ ، وبذلك صارت المحاكاةُ بعيدةً عن الخرافاتِ والأساطيرِ .
نستعرضُ مثالاً حديثاً نوعاً ما لتبسيطِ الفكرةِ عندما وصف " أحمد شوقي " تمثالَ أبي الهولِ والذي صنعه نحَّاتٌ مصري قديمٌ ، فالنحاتُ قام بمحاكاةٍ من الدرجةِ الثانيةِ بأدواتِ النحتِ الخاصةِ ومن ثَمَّ جاء " أحمد شوقي " وقام بمحاكاةِ المحاكاةِ ووصفِ تمثالِ أبي الهولِ بأدواتِ الشعرِ وهي اللغةُ والصورُ
يقول "أحمد شوقي " في تلك القصيدة واصفاً تمثال أبي الهول :
• أَبا الهَولِ ما أَنتَ في المُعضِلاتِ
** لَقَد ضَلَّتِ السُبلَ فيكَ الفِكَر
• تَحَيَّرَتِ البَدوُ ماذا تَكونُ
** وَضَلَّت بِوادي الظُنونِ الحَضَر
• فَكُنتَ لَهُم صورَةَ العُنفُوانُ
** وَكُنتَ مِثالَ الحِجى وَالبَصَر
• وَسِرُّكَ في حُجبِهِ كُلَّما.
** أَطَلَّت عَلَيهِ الظُنونُ اِستَتَر
• وَما راعَهُم غَيرُ رَأسِ الرِجالِ
** عَلى هَيكَلٍ مِن ذَواتِ الظُفُر
أما عن التناصِ مبسطاً فقد قال الأستاذ "أحمد إبراهيم أحمد " : جاء في (نهج البلاغة) " لولا تكرارُ الكلامِ لنفذ " ويقولُ الجاحظ : " إن المعاني مطروحةٌ في الطريقِ يعرفُها العجمي والعربي البدوي والقروي وإنما الشأنُ في إقامةِ الوزنِ وتخيُّر اللفظِ ".
ثم صاغت "جوليا كريستيفا " مصطلحَ التناصِ لتفسيرِ تشابهِ نصٍ أو عدةِ نصوصٍ . وبيانِ العلاقاتِ المتبادلةِ بينَ نصٍ وآخرِ أو نصوصٍ أخرى وهي لا تعني تأثيرَ نصٍ في آخرٍ أو تتبعِ المصادرِ التي استقى منها نصاً ما جاء به من نصوصٍ سابقةٍ بل تعني تفاعلَ الأنظمةِ الأسلوبيةِ .
ويخلطُ بعضُ النقادِ بينَ (التلاص والتناص)
التلاص : أن يأخذَ كاتبٌ عملاً لغيرِه ، ويُجري عليه تعديلاتٍ هامشيةٍ ، ثم يدَّعي أنَّه عملُه، دونَ بذلِ أي جهدٍ إبداعي .
أما التناص : أو ما يُعرف بالتعالقِ النصي فهو استحضارُ بنيةٍ سرديةٍ أو جنسٍ أدبي والبناءُ على نسقِه أو الاستشهادِ بنصوصٍ من المحكياتِ الكبرى أو الأعمالِ الإبداعيةِ العظيمةِ حيث يأخذُ التناصُ شكلين رئيسيين :
1. تناصُ البنيةِ والموضوعِ : والمثالُ الأبرزُ لذلك روايةُ نجيب محفوظ (أولاد حارتنا) التي تناص فيها مع المحكياتِ الكبرى التي أعاد بناءها في زمانٍ ومكانٍ مختلفين وبأسلوبٍ مغايرٍ متفاعلٍ مع أساليبِ المحكياتِ الكبرى كذلك استخدامُ " أمل دنقل " بنيةِ حكايةِ ( زرقاء اليمامة ) التراثيةِ في صياغةِ قصيدتِه الرائعةِ (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) حيث يعيدُ أسلبةَ الحكايةِ الأصلِ ليستخدمَها نصاً موازياً يشرحُ به هزيمةَ 67.
2. التناص النصي : وهو استخدامُ مقطعِ من نصٍ مقدسٍ أو عملٍ إبداعي ودمجِه في سياقِ السردِ الإبداعي كما فعل " صلاح عبد الصبور " باستخدامِ مقاطعِ قرآنيةِ في مسرحيتِه (مأساة الحلاج) حيث يقولُ الشبلي مخاطباً الحلاج المصلوب " أولم ننهك عن العالمين" سورة الحجر -الآية 70 وحوار الحلاج مع الشرطي حين يحاجه بقوله " أو قفل على قلبك " معيداً صياغة الآية " أم على قلوب أقفالها" سورة محمد -الآية 24-
ومما سبق نخلصُ إلى أنَّ المحاكاةَ أمرٌ مشروعٌ أدبياً وإبداعياً كذا التناصُ بما يخدمُ النصَ ويضيفُ إليه أما التلاصُ فهو مرفوضٌ شكلاً و موضوعاً ويتنافى مع الأدبِ والإبداعِ .
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏جلوس‏‏ و‏منظر داخلي‏‏

تأثيرات الأغنية في الوعي المجتمعي بقلم / سمير لوبه

 مقال :

« تأثيرات الأغنية في الوعي المجتمعي »
دائماً ما ترتبطُ الأغنيةُ في المجتمعِ البشري بالوجدانِ الجمعي فكانت حالُ لسانِه تعبرُ عنه تشاركُه مناسباتِه وحالاتِه التي يعيشُها فكان للأغنيةِ أكبرُ الأثرِ في تشكيلِ الوجدانِ والفكرِ والثقافةِ وهنا نعرضُ لمباحثٍ متعددةٍ في قراءةٍ للأغنيةِ ومدى تأثيرِها في المجتمعاتِ البشريةِ
أولاً : الاغنية الطربية بين الماضي والحاضر :
تتنوعُ الأغنيةُ في أشكالِها ، وهذا التمايزُ الشكلي جعل لكلِ شكلٍ سيميائيتِه ؛ فغلب على الغناءِ والموسيقى العربيةِ سمةُ التطريبِ ، وهي سمةٌ تتواجدُ في معظمِ أشكالِ الأغنيةِ والموسيقى .
وفي عصرنا الحاضرِ بدأت سمةُ التطريبِ تأخذُ مداها بشكلٍ أكثرَ اتساعاً حتى صارت لها خصوصيةٌ ؛ فأُطلِق عليها أغنيةٌ طربيةٌ .
ومن سماتِها المميزةِ :
- الناحيةُ البنائيةُ وتتمثلُ في الكلمةِ واللحنِ والايقاعِ والأداءِ
- ناحيةُ الإدراكِ الحسي والجمالي لدى المستمعِ المتذوقِ .
إنَّ الأغنيةَ اليوم في نظرِ الكثيرِ منَّا تختلفُ عمَّا كانت عليه الحالُ زمنَ عمالقةِ الغناءِ ، تلك الحقبةُ الذهبيةُ التي مازالت آثارُها عالقةً في ذاكرةِ من عايشها أو من خلالِ الأجيالِ التي رأت في الماضي شيئاً من النوستالچيا والحنينِ للزمنِ الجميلِ .
إنَّ الأغنيةَ الطربيةَ قد تكونُ متواريةً الآن من الساحةِ الفنيةِ لأسبابٍ كثيرةٍ نذكرُ منها :
ما يُسمَعُ اليوم بعيداً عن الموسيقى والشعرِ اللذين يخاطبان الروحَ والعقلَ .
وربَّما أنَّ الأغنيةَ تشوهت بفعلِ من اعتدوا على موسيقاها بإعادةِ توزيعِها فخرجت نشازاً . هنا نتساءلُ ..
- هل الأغنيةُ الطربيةُ مازالت موجودةً ؟
- وهل مازال المتذوقُ لها يحرصُ على البحثِ عنها والاستماعِ إليها ؟
- هل نحن نعيشُ عصراً اختلف فيه جمالُ الموسيقى وسحرُ الكلامِ وعذوبةُ الصوتِ ؟
جاءت غالبيةُ الإجاباتِ على النحوِ التالي :
- إنَّ العصرَ أصبح متغيراً وغابت الأغنيةُ الطربيةُ وتراجعت مع غيابِها نسبةُ المستمعين لها فصارت قليلةً ، أما عن أسبابِ التدني في مستوى الذائقةِ الفنيةِ فلربما يرجعُ لعدمِ إدراكِ الكثيرِ من الفنانين والمستمعين لذلك التراجعِ لأنَّ الغالبيةَ باتت تستمعُ لأغاني غيرِ طربيةٍ .
- كذلك ساهمت الإذاعة والفضائيات بطريقٍ غيرِ مباشرةٍ حيت فتحت المجالَ لبثِ تسجيلاتٍ هابطةِ المستوى لمجردِ تغطيةِ ساعاتِ البثِ دونَ التمييزِ بين الغثِ والسمينِ ، ولو أنَّها أفردت بضعَ ساعاتٍ قليلةٍ للأغنيةِ الطربيةِ والمطربِ الجيدِ لاختلف الأمرُ كُلياً .. جديرٌ بالذكرِ هنا أن نلقيَ الضوءَ ؛ لنوضحَ أن ثَمَّةَ فنانينَ ما زالوا حريصين على رسالتِهم الفنيةِ ويرفضون تماماً الانزلاقَ نحوَ ما يُسمَى بأغنيةٍ عصريةٍ لا نعرفُ هويتَها أو موقعَها من الموسيقى .
- هناك بعضُ الملحنين يصرون على المزجِ في اللحنِ بين الجملةِ الموسيقيةِ الطربيةِ والجملةِ الموسيقيةِ العصريةِ وربَّما الأجنبيةُ ؛ حتى تعطيَ لأغنياتِهم تفردَها الفنيَ الموسيقيَ وبالتالي يتحملُ مسئوليةَ ما يحدثُ للأغنيةِ الطربيةِ الموسيقيون الذين عملوا على مزجِ مقاماتِنا الموسيقيةِ الأصيلةِ في تكنولوچيا غربيةٍ في محاولةٍ منهم لتغييرِ النمطِ الإيقاعيِ والموسيقي للأغنيةِ تحتَ مُسمَى الحداثةِ والتغييرِ متجاهلين أنَّ تاريخَ وتراثَ الأغنيةِ والموسيقى يرتبطُ بإحساسٍ غاية في الصدقِ كذلك لا نستطيعُ التغافلَ أنَّ ثَمَّةً زحفٍ جارفٍ نحوَ أغنيتِنا الطربيةِ لهدمِ قواعدِها ومقاماتِها الموسيقيةِ .
لكنَّ في الوقتِ ذاتِه دعونا نتفاءلُ بأنَّ ما يحدثُ ما هو غيرُ سحابةِ صيفٍ سرعانَ ما تنقشعُ ، وأنَّ الأغنيةَ الطربيةَ سوف تعودُ وبقوةٍ وإن كان ذلك في قالبٍ يناسبُ عصرَنا الحالي .
أخيراً نجملُ مقالَنا في الآتي : إنَّ الغناءَ والموسيقىَ عاملان رئيسان في إشكاليةِ التذوقِ الفني وليس هناك زمانٌ أو مكانٌ تُسمَعُ فيه الموسيقى ، بل كلَّما أُتيح للمستمعِ فرصةُ الاستماعِ فإنَّه ينسجمُ لا شكَ مع الموسيقى ويتعايشُ معها بقطعِ النظرِ عن أصالةِ أو حداثةِ الأغنيةِ ، كثيرٌ من الأغاني الطربيةِ ما إن تُذاعَ في الأماكنِ الترفيهيةِ حتى نجدُها تجذبُ الشبابَ سواءً مع الكبارِ، وكذا الأمرُ للأغنيةِ الحديثةِ فإن كانت جميلةَ المعنى والموسيقى وتُؤدَى بصوتٍ عذبٍ فلم لا نسمعُها ؟
عامةً توجدُ في الساحةِ الفنيةِ أصواتٌ جميلةٌ وإن ظهر عليها التحديثُ بحكمِ العصرِ، فقد مرَّ على زمنِ عمالقةِ الأغنيةِ العربيةِ حوالي النصفُ قرنٍ وربَّما أكثرُ .
في اعتقادي أنَّ الأغنيةَ الحاليةَ انعكاسٌ لواقعٍ يعيشُه المجتمعُ ، ولذلك غابت الأغنيةُ الطربيةُ عن الساحةِ الفنيةِ وعندما نتحدثُ عن الأغنيةِ الطربيةِ فنحن نتحدثُ عن ماضٍ جميلٍ وتاريخٍ ذهبي ، والأمرُ لم يكنْ محصوراً فقط في الأغنيةِ التي كانت تؤديها " أم كلثوم أو محمد عبدالوهاب " أو غيرُهم من المطربين بل كان في الكلمةِ واللحنِ والأداءِ ولذلك كنَّا نعيشُ أوقاتاً ممتعةً مع الاغنيةِ .
إذا أردنا عودةَ الأغنيةِ الطربيةِ علينا أن نهتمَّ بجودةِ الكلمةِ واللحنِ وعذوبةِ الأداءِ .
ثانياً : الأغنية والشعر الغنائي مع موسم الحج :
كم أثار موسمُ الحجِ وجدانَ الشاعرِ منذ القدمِ وحتى وقتِنا الراهنِ ؛ ففاضت قرائحُهم تعبرُ عن شوقِها لأداءِ الفريضةِ .
وبأفضلِ النفحاتِ الشعريةِ تَمضي مشاعرُ الشعراءِ تحملُ شوقَها في رحلةِ الحَجِ المباركةِ ومروراً بكلِ المشاعرِ والشعائرِ .
وفي ذلك تجيبُ قلوبُ الشعراءِ التي تتوقُ لزيارةِ بيتِ اللهِ الحرامِ ، فينطلقَ الشعرُ معبَّراً عن هذا الشوقِ المضطرمِ .
وفي وصفِ المشاعرِ والحنينِ للحرمين المكي والنبوي قال مضاض الجُرْهمي يَذْكرها :
وَسَحَّتْ دُمُوعُ العَيْنِ تَبْكِي لِبَلْدَةٍ
بِهَا حَرَمٌ أَمْنٌ وَفِيهَا المَشَاعِرُ
ويقول أبو طالب:
أَرْضٌ بِهَا البَيْتُ المُحَرَّمُ قِبْلَةٌ
لِلعَالَمِينَ لَهُ المَسَاجِدُ تُعْدَلُ
والمتتبعُ لشعرِنا المعاصرِ والذي انطلقت به أعذبُ الألحانِ عبرَ أصواتِ نُخبةٍ من مطربينا أمثال " أم كلثوم " في أغنية ( القلب يعشق كل جميل ) للشاعر " بيرم التونسي " عن تجربتِه الذاتيةِ لأداءِ الفريضةِ حينَ قال في أبياتٍ له :
- مكة وفيها جبالُ النور
** طلة على البيت المعمور
- دخلنا بابَ السلامِ غمر قلوبنا
** السلام بعفوِ ربٍ غفور
- فوقنا حمام الحِما عدد نجوم
** السما طاير علينا يطوف
- ألوف تتابع ألوف طاير
** يهني الضيوف بالعفو والمرحمة .
ويغنينا " محمد فوزي " ( قف بالخشوع ) من كلمات كتبها " الإمام البرعي "
ويغنينا فيها "فوزي " محلقاً في روحانياتٍ تسمو بالروحِ
- فهو الكريم يجيب من ناداه
** يا ذا الجلال وذا الجمال وذا الهدى
- يا منعم عما الوجود نداه
** مالي إذا ضاقت وجوه مذاهبي
- أحداً ألوذ بوجهه الله.
** قف بالخشوع وناد ربك ياهو
فهو الكريم يجيب من ناداه .
وتتعددُ الأمثلةُ ، فنجدَ " ليلى مراد " تغنينا ( يا رايحين للنبي الغالي هانيا لكم وعقبالي ) كلمات " أبو السعود الأبياري "
و" محمد الكحلاوي " وغيرهم كثير فقد تفاعل الشعرُ الغنائي مع فريضةٍ تهوى إليها الأفئدةُ .
ثالثاً : إفادة الأغنية من الشعر وإفادة الشعر من الأغنية :
في طريقِ البحثِ عن إجابةٍ لهذا العنوانِ اخترنا مثالاً حياً قد يعينُنا على الإجابةِ الشافيةِ عن سؤالِنا
• مرسى جميل عزيز شاعرُ الألفِ أغنيةٍ
وُلِد يومَ 9 يونيه 1921 ورحل عن عالمِنا في 9 فبراير 1980 عن عمرٍ يُناهزُ 58 عاماً
مرسى جميل عزيز ظاهرةٌ إبداعيةٌ في الشعرِ قلَّما تتكررُ . نشأ في مدينةِ الزقازيقِ بالشرقيةِ ولم يغادرْها مما كان يدفعُ المطربون والموسيقيون أن يذهبوا إليه للحصولِ على كلماتِ أغنيةٍ منه...
العواملُ التي أثرت في تكوينِه الإبداعي :
• حفظُ الكثيرِ من آياتِ القرآنِ الكريمِ
• حفظً المعلقاتِ السبعِ في الشعرِ الجاهلي
• القراءةُ للكثيرِ من الشعراءِ
• الاهتمامُ كثيراً بأشعارِ بيرم التونسي
ظهرت ميولُه للشعرِ مبكراً في سنِ الثانية عشرة من عمرِه تخرَّج في كليةِ الحقوقِ .
ذاعت شهرتُه عندما كتب أغنيةَ :
يا مزوق يا ورد في عود والعود استوى
يا مزوق ولا النوَّار
يا مكحل عينيك أسرار
يا جار الهنا يا جار
جلَّاب الهوى
التي غناها ولحنها عبد العزيز محمود .
وبعدها بدأ رحلتَه الثريةَ في كتابةِ الأغنيةِ فكتب ألفَ أغنيةٍ
• العاطفية منها بأحاسيسٍ فطريةٍ مبهرةٍ
• وكتب الأغنيةَ الوطنيةَ ببساطةٍ وصدقٍ
ولحَّن كلماتِه كبارُ الملحنين وتغنَّى بها كبارُ المطربين ، وكان لعبد الحليم حافظ النصيبُ الأكبرُ حيث غنَّى من كلماتِه ما يصلُ إلى 35 أغنيةً .. بالإضافةِ إلى ثلاثيتِه الشهيرةِ لأم كلثوم ألحان بليغ حمدي : (سيرة الحب - فات الميعاد - ألف ليلة وليلة ) كرمته الدولةُ بوسامِ الجمهوريةِ للآدابِ والفنونِ عام 1965 ، مرسي جميل عزيز فارسُ الشعرِ الغنائي تربع على عرشِ شعراءِ الأغنيةِ عن جدارةٍ واستحقاقٍ .
وهنا نسألُ هل استفاد الشعرُ من الأغنيةِ أم استفادت الأغنيةُ من الشعرِ ؟
قد تكون صورة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏وقوف‏‏ و‏بدلة‏‏

اعترافات بقلم / اميرة شمالي

 اعترافات /بقلم اميرة شمالي

سأعرف لكَ
بأن أوراق قصائدي
مُزقت
وكلماتي لم تعد لك
كنت اتوهم الحبّ
بقربك
لم أكن أعي ما أقول
كنت ثملة
لا
كنت مصابة بسحر
فأنا يا سيدي
لم أعشق يومآ
لم اتعاطا بالحب
ولم أقرأ لنزار
انا كنت مخدرة
بالاهتمام المؤقت
انا يا سيدي
كنت فريسة سهلة
لا أملك الخبرة
رغم عمري
اعترف لكَ
يا سيدي
اني كنت سيجار
يحترق بين أصابعك
انتهى
بعد أن استنشقت
كل دخانه
لم يعد يصلح للبقاء
انا ياسيدي
لست ب عاشقة
ولا هائمة
بين انفاسك المتلاحقة
ولا اطلب عناق لدقائق
ولا أريد أن أبحر
بين مدٍّ وجذر
فاتعلق بقارب الوهم
الذي عشتهُ
لا أريد ان اغفو
بين أحلام كاذبة
اعيش دور أميرةَ أحلامك
انا أعرف قدري
أعرف
والفراسة لا تنقصني
لاكني أتجاهل كل تصرفاتك
كنت اريد الاحتفاظ بخيوط
تربطنا
لكنها كانت واهية
لاتتوهم عشقي
انا مدعية
أدعي الغرام
لا أريد اي استعطاف
لا احبك
لا يخنقني الإنتظار
على مفارق دروبك
لا أراقب
لا أنتظر ظهورك
ولا يقتلني تجاهلك
انا أصدرت حكمي
على كل النبض
الذي ينبض باسمك
بالنفي
لكن سأعترف
بأني أعلنت الهجرة
عنكَ يا وطني
تذكر
لن تجد قلباً كقلبي يألفك
لن تجد روحاً كروحي تأنسك
لن تجد
فأنا اعترف لكَ يا سيدي
بأني كاذبة
واني سأبقى اعشقك
قد تكون صورة لـ ‏وردة‏

شتاء تشرين بقلم / عبد الهادي شفيق



 كان مطر تشرين الأول يسقط، فنستمتع بزخاته ،برائحة الجدران، بصوت الودق يشق التراب، ينتهي المشهد بظهور قوس قزح في موضع صحو من السماء، فنشير إليه بأناملنا البريئة، وبحر السعادة الباسقة تغمر مهجنا، و الابتسامات تظهر على تقاسيم محيانا، فتجتمع القلوب عند بعضها. كأن ذلك زمنا... أما والآن صار موسم النكبات في خريف الوطن حجابا لشتاء تشرين، سدا منيعا لسعادة خريف منصهر ، جنديا لربيع متقهقر ،نكير لصيف يودعنا قبل حلوله، فصول مرت في شبابيك الزمن الجميل، وتركت لنا عوادمها، نبلع فيها الجمر، نقطف منها شوك صبار، نشم فيها رائحة النكد، نتسيع فيها بسياع الغدر و المكر و الخداع،نجرع منها جرعات الموت..


اسلب ساااااااي (اشرب شاي) :*بقلم وألوان : خالد سليمان


 اسلب ساااااااي (اشرب شاي) :*بقلم وألوان : خالد سليمان

************************************************
من المواقف ما يجعله الله عزّ وجلّ فاكهة اللحظة وبسمة اليوم الذي نعيشه كهدية من الله لنا ، فكلّ يوم نعيشه ليس من حقّنا بل هو هدية من الله إلينا ؛ لنكثر من حسناتنا ونقلل من أوزارنا ، وهناك من يُحرَم من تلك الهدية ، ويلقى الله بما قدّم ، ولو أتيح للموتى أن يأخذوا ساعة يعودون فيها للدنيا ؛ لخرج كلّ واحد يسبّح ويستغفر ويصلي ، ويردّ الأمانات إلى أهلها ، ويصالح هذا ويطلب السماح من هؤلاء وهؤلاء ، وما جلس أحدهم على مقهى ولا دخّن سيجارة ، ولا شاهد مباراة ولا استرخى على شاطئ بحر في مصيف ، فلننتبه لهذه المعاني ، فالمقابر ليس مكتوبا عليها للكبار فقط .
هذا الصباح حدث موقف طريف حيث سألني أخ فاضل يعدّ شاي الصباح لنفسه ، ولما انتهى منه سألني ماذا اشرب بلهجة مرحة ( تشرب إيه ؟؟ ) وفوجئت بطفل ترك زجاجة رضاعته ليهتزّ قائلا : تسلب إيه ؟ أسلب سسااي ، فاستوقفتني كلماته ، ومقاطع حروفه واهتزازه الراقص وإيقاعات صوته الطفولية الرقيقة والمحبّبة لنفسي ، وغرقنا جميعا في موجة ضحك متواصل جعلته يقطع الصوت والصورة والضوء وينظر إلينا مستهجنا ما يصدر منّا .
وعقّبت أمّه قائلة : يقطع التليفزيون وسنينه .
ودُهشت جدا من أنّ الطفل الصغير الذي يفقد من حروف اللغة أكثر مما ينطق ، ويقلب الشين سينا والراء يقلبها لاما ، وتعجبت من اهتزازه ورقصه ، وسألت والدته : بالتأكيد التليفزيون في بيتك مثل شباك الغرفة مفتوح دائما ، فقالت : ماذا أفعل ؟ وعمل البيت لا ينتهي من غسيل وطبيخ ومسح وكنس وترتيب واهتمام بالأطفال .
ولكن ترى لو أنّ هذا الطفل يسمع شيئا مفيدا ذا معنى ألا يكون أفضل ؟؟؟
ولا أنسى موقفا حدث من قبل مع هذا الطفل حين حدث منّي توجيه عنيف لطالب مهمل في واجباته وحفظ نصوصه ، فتوسطت معلمة فاضلة بيننا لأحصل منه على وعد بالالتزام وحفظ النصوص المطلوبة ، وحين قلت له : سأعطيك فرصة للأسبوع القادم ، وختمت نصيحتي له بلهجة مهددة ( ولو أنت راجل لو راجل .... ) إذا بهذا الطفل الصغير يردّد ( لوْ لاتلْ تلْ .. لوْ لاتلْ تلْ ) يردّدا جزء من إعلان حبوب التخسيس ( لوْ راجلْ كلْ .. لوْ راجلْ كلْ ) .
كم لجهاز التليفزيون من تأثير ، ولا ننسى أنّ بعض المجتمعات تعدّه الأب الثالث للطفل ، فكم له من تأثير ؟ !
فيا سادة لدينا أجيال تكوّن ذاكرتها فلا تجعلوها أجيالا تافهة ، كفانا ما نتعرض له كمعلمين ومربّين من سلوكات وأعمال لأجيال تتقيّأ علينا في الصباح ما تشاهده ليلا وتسمعه من ألفاظ ،
كفانا مسوخا نراها صباحا لمن تشاهدهم على شاشتنا الصغيرة يسمون أنفسهم أبطالا ونجوما ، وهم لا يستحقون أن يكونوا حجارة باردة في صحراء مجهولة ، وقد غزوا بيوتنا وغرف نومنا
واحتلّوا خيال أطفالنا .
مسخوا مفهوم البطولة وجعلوه تافها ، ونسوْا أنّ هناك أجيالا تتشكّل ، ويا ويل مجتمعنا من هذه المسوخ !!! .
كم ستدفعين يا بلدي فاتورة الإعلام الذي يجلد القيم ويملأ رؤوس أطفالنا بالغث الذي لا قيمة له .

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة