Translate

الأحد، 8 مايو 2022

وِلادةُ رِوايـــــــــةٍ بقلم : فريد المصباحي/ المغرب

وِلادةُ رِوايـــــــــةٍ ...
لم ينتبِه حتى وجد نفسَهُ جالساً على كرسيٍّ خشبيٍّ تشتمُّ منه رائحةُ العودِ المتآكلِ ...
جاءه النادلُ على حين غرّةٍ ، وسألهُ :
- ماذا أقدّم لك سيدي ؟
قال له :
- فنجان كلمةٍ وحرفينِ وضمّتينِ ...
قال له النادلُ :
- لم أفهم طلبَك سيّدي !؟
أضاف :
- أعندك كتابٌ أو جريدةٌ ...!؟
تباً لكم لا تفهمُون سوى لغةَ العَصيرِ والسُّكر والتوابلِ والأفخاذِ السمينةِ والمُهرّجين والتّافهين ...
- لا لا ... !!!
- أشكرك لن أبرحَ في مكانٍ جميع أهلِه لا يفهمُون إلا لغةَ الطّعام والكلامِ في المنامِ ، لا يلبُّونَ رغباتهم إلاّ في الأحلامِ ، لا يجتمِعون إلاّ على أكلِ لحومِ الأنامِ ونَفخِ البُطونِ ...
غادر المكانَ دون أن يجدَ مكاناً يأويهِ ، ويرتاح فيه مِن ضجيجِ وفوضى المطاعمِ التي ما فتئَت تُملأُ فيها البطونُ دون أيةِ فائدةٍ ، ولا تَزيدُ للأجسامِ إلا الكولسترول والسُّكر والسُّمنةِ ، وأكثرُهم من صانِعي الأسقامِ والموتِ ...
توجّه نحو مكتبةٍ مُجاورةٍ فأخذَ يَتنقّلُ من عنوانٍ إلى آخر ، فكلّما وجدَ عنواناً عريضاً على مجلةٍ أو كتابٍ ما ، يُخرِج هاتفَه النقّالَ القديمَ ليأخذَ صورةً لهُ ، ويأخذَ أخرى مع كتُبِ المكتبةِ وهو يبتسمُ ، يُخيّلُ إليه أنّها مكتبتُه الخاصةُ ...
وما أكثرَ من يأخُذون صُوَراً مع مكتبتِهم الخاصّةِ ليقولواْ :
" ها نحنُ ذا مع مَكتبَـــتِنا "
رغم أنّهم لا يفتحونُ الكتابَ إلاّ نادراً ...!!
يَتّجِه نحو مكتبةٍ أخرى ليفعلَ نفسَ الشيء ، يَتصفَّح الكُـــتُبَ ويُخيّل إليه أنّه يأخذُ صوراً مع الكُتّابِ والشُّعراءِ والرّوائيّين العالميين الكبارِ في باريس أو لندن أو بيروت أو في بغداد ...
كلّما مرّ بزُقاقٍ كان يمرّ عبرَهُ كاتبٌ مشهورٌ أو شاعرٌ أو روائيٌّ يأخذُ صورةً لبابٍ أو نافذةٍ ذات الشّبابيكِ التّقليديةِ ...
يُقلّد مشيتَه ويحسِب نفسَه أنّهُ هو متجوّلاً بين أزقةِ المدينةِ العتيقةِ ، أو يُطلُّ من نافذةٍ أو واقفٍ بعتَبة بابٍ أسطوري وتفوحُ منه رائحةُ سيجارة محمّد شكري ...
يَتجوّل في مدينتِه لعلّه يُصادف شاعراً أو روائياً ، ليتَحدث معهُ عن عالمِ الرواياتِ والأشعارِ ، ويستَعرِضَ معه مشروعاتِه الرّوائيةَ وأفكارَه التي تدورُ في خُلدِه ...
يطلبُ منهم إن صادفَ أحدَهم مساعدةً لعلّه سيكونُ يوماً رائداً من رُوّادِ سُوقهم الثقافي ، ويجلسُ بِجوارهم ليُوقّعَ رِوايتَه التي لم تولدْ بعد حتّى في مُخيّلته ، ويُزاحِمهم في سُوقِهم الذي يعجُّ بالأدباءِ والصّحفيين ...
عالمٌ يَحلم به ويَستهوِيه كثيراً ، يَعتبرُه عالمَ الكِبار ، والأضواءِ ...
حيثُ أن مقياسَ الكبارِ لديه هم كبارُ العقولِ والمواهبِ والإبداعِ ، فكرُه كلُّه في الكُتبِ وهي تَملأ رفوفَ مكتبَتِه القديمةِ غير المُنتظمةِ والتي تَحْوي عناوينَ كُتب قديمةٍ تُذكّره بأدباءَ فرنسيينَ عاشواْ على أرضِ باريسَ ...
هوايتُه جمعُ الرواياتِ والأشعارِ ، وتخزينِها ثمّ وضعِ بعضِها على بعضٍ ...
قالت له أمّهُ يوماً :
- " يا ولدي لماذا كل هذا الهُراء والفوضى ، هوّن على نفسكَ !!!"
يمضي وقتَه بين الأوراقِ يَعشقُ رائحتَها ويستنشقُها كالمُدمِنين الذين يرتشِفون سطورَ الكوكايين البيضاء ...
يخرج صباحاً ولا يعودُ مساء إلاّ بكتابٍ بيدِه ، فخورٌ بذلك وكأنهُ فازَ بكنزٍ ثمينٍ في زمنٍ لا يُكترث به في عالم التافهين والمُولعين بجمعِ المالِ لشراءِ الجَهلِ والتّفاهةِ هكذا يعتبِرُهم ، يعشقُ الكتبَ ويهوى الكُتّابَ والشُّعراءَ والأدباءَ ، عالمٌ مليءٌ بالإبداع والمعرفةِ ، سوقٌ يغبِط رُوّادَهُ ...
عشقٌ ليس له حدودٌ ...
يحسبُه من لا يرى بعينيْه الفاحصتين أنه مجنونٌ لأنّه يُبالغ في مُيولهِ وكأنّهُ يُحضِرُ لنيلِ الدكتوراة في علومِ فيزياء الذَّرّة ...
يَعود مساءً ليركنَ في زاويةٍ من بيتِه القديمِ الذي تنبعثُ منه رائحَةُ الكتبِ ، الغُبارُ يعلو كلَّ شيءٍ ، يجلس كلّ ليلةٍ على كرسيّ مُتهالكٍ أصابتْه سوسَةُ الخَشبِ ، وتلك السوسةُ يعتبِر رنّاتها من عناصرِ الإبداعِ والتأمُّلِ والتي تكسرُ الصمتَ الذي يَسودُ المكانَ بطقطقتِها المُتناسقة المُتناغمةِ ...
يَتناول كُرّاسةً قديمةً ليخطَّ عليها ما جادَت به جَولاتُه وصولاتُه ، لتَنبعثَ كلماتٍ وجُملاً وسُطوراً مِن مُخيّلتِه ، لا متناهية من الأفكارِ والصورِ الإبداعيةِ التي تسيطرُ عليه ، جمعٌ من الأشكالِ الإبداعيةِ التي لم تكن تخطُر على بالِه ، حيث فاقَ تناسُلَها ، ولم يشعرْ حتّى وجد نفسَه يَشقّ سبيلَ روايةٍ بدأت فصُولها من زمانٍ تشتدّ لديهِ عوداً عوداً ، لم يَنتبِه حتى سمعَ أذانَ الفَجر بعد أن وجَد نفسَهُ واضِعاً رأسَهٌ الحاملَ من روايةٍ ينتظرُ ولادتَها بعدَ حينٍ ، بعدَ أن استفاقَ مذعوراً وهو على طاولتِه غارقاً في حُلمٍ طويلٍ ، كان قد تاهَ بين ثنايَاهُ وهو يوقّعُ على روايتِه التي رأتِ النورَ وهو في متاهاتِ المعرضِ الدولي في بغداد ...
إستفاقَ من ذلك الحُلم وهُو لم يكتبْ من روايتِه سوى بعض الكلماتِ :
" تبّاً لكُم لا تَفهمون سوى لغةَ السُّكّر والزيتِ والبطاطا واللُّحوم بأشكالِها وألوانِها وأنواعِها المختلفةِ ..."
بقلم :
فريد المصباحي/ المغرب
قد تكون صورة ‏شخص واحد‏

صديقتي سجينة رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس


 صديقتي سجينة

تركتها منذ فترة طويلة لتدير شؤونها بنفسها. تركتها لأنّها بدت لي تعيش رفاهيّّة كبيرة. فقد وجدت رفقة جديدة انسجمت معها وزادتها حياة. وربّما زادتها بهجة ومؤانسة لم تكن لتعرفها معي. كنت أراقبها وهي واقفة شامخة كملكة بين خدمها وحرّاسها الّذين أحاطوا بها ليحموها ربّما منّي ومن تدخّلي في شؤونها. كنت أراها تزدان يوما بعد يوم ومن حولها رفقتها الجديدة الّتي حجبت عينها عن النّظر إليّ وحتّى عن مجرّد التّفكير في أنّي رفيقها الوحيد وسبب فرحتها الوحيد. جلبت لنفسها أصحابا جعلوها تشعر أنّها في غنى عنّي. فقد أحاطوا بها من كلّ جانب، وملأوا كلّ فراغ قد يجعلها تشعر بالوحدة. هؤلاء الرّفاق لوّنوها بألوان لم أكن قادرا على جلبها لها. طبعوا حياتها بنسق جديد وسلوكات لا يمكنني لأوفّرها لها وأنا الّذي كنت رفيقها الوحيد ولم أتعلّم آنذاك كيف يمكنني أن أجلب لها سعادة مماثلة أو هكذا كان يخيّل إليّ لأنّي لم أكن ألازمها طوال الوقت. كنت أزورها من حين لآخر وأسديها ما تطلب هي ولم أستطع أن أنتبه من تلقاء نفسي لطلباتها حتّى أوفّرها لها دون أن تتكبّد عناء الطّلب. غيابي عنها هو ما جعلها تبحث عن أصحاب جدد من دوني. وهم أيضا استغلّوا غيابي ليوطّدوا علاقتهم بها وينسوها في التّفكير بي وبالّذي كان بيننا. ورغم سعادتي بأنّها تعيش في رفاه وسعادة إلاّ أنّني لم أكن مطمئنّا كثيرا. حدث أن اقتربت منها لأسألها عن حالها فرأيت ما أدهشني. رأيت أنّ شموخها كان مجرّد كبرياء كي لا تتملّقني لأستعيدها من تلك الرّفقة المخاتلة. وما تلك الرّفقة الّتي أحاطت بها إلاّ غرباء أرادوا استنزافها وسرقة حياتها شيئا فشيئا. فهمت أيضا أنّ وراء شموخها ذاك مغالبة لأعدائها وتشبّثا بالأرض الّتي امتدّت فيها جذورها. وانتبهت أيضا إلى أنّ خلف ذلك الجمال الّذي ظهرت به صديقتي شحوب وهزال لم يكن ليتمكّن منها لو أنّ تلك الرّفقة لم تظهر في حياتها. عرفت حينئذ أنّ صديقتي مكبّلة وسجينة ووجب عليّا فكّ قيدها وتخليصها من سجنها. أخذت مسحاة واقتلعت الأعشاب الطّفيليّة من حولها وحرّكت التّربة أوّلا لتستنشق هواء نقيّ، ثمّ أظفت إلى التّربة أسمدة لأعوّض ما استنزفته الأعشاب الطّفيليّة، وأخيرا جلبت قدرا كافيا من الماء لأروي عطش شجرتي ولتبتلّ عروقها وتسري فيها حياة جديدة وحرّة.
رشدي الخميري/ جندوبة/ تونس
قد تكون صورة ‏‏شخص واحد‏ و‏نص‏‏

هتاف سيد عبد العال سيد مصر


 هتاف

في الليلِ الممتدِ يأتيني طيفُها معلقاً في سطح غرفتي يتراقصُ من حولي بكل قوته طارداً النعّاس الثقيل ثم يُكسر باب المخيلة التي تتحصن بالأسوار كي يفتح لجنود الوساوس وهم يقتحمون كل المناطق الثرية.. أتذكر سريعاً همساتها في هاتفي المحمول وهي تقول أنتَ ليّ.. سررتُ كثيراً ونطقتُ دونَ إدراك أنتِ شريكتي.. أحاول جاهداً أن امسك الطيف كي يؤنس وحدتي الموحشة، لم أستطع من كثرة حركاته بنوره الخاطف ثم أري وحش العتمة الممدد علي عتبة الغرفة فاتحاً فاهُ يلتقمني بين أنيابه الحادة فأرتجف كثيراً وألُف جسدي بالبطانية وأنام ...
ـــــــــــــــــــ
سيد عبد العال سيد مصر
قد تكون صورة مقربة لـ ‏‏‏شخص واحد‏، ‏نظارة‏‏ و‏منظر داخلي‏‏

تذكرة حسن رجب الفخراني مصر


 تذكرة

أن ادعي التجلد والصبر ليس مجرد كلمات جوفاء أتشدق بها لتلميع شخصيتي واضفاء تلك الصفات عليها وإنما هي وليدة الصهر في أتون التعامل اليومي الحياتي فحين أذهب الساعة السادسة مساءاً لحجز تذكرة قطار فتكون أول الصدمات لا يوجد حجز هذا ما يخبرني به الموظف الجالس خلف الحاجز الزجاجي بعد أن ملت قدمي من الوقوف في طابور طويل ,ولا يكتفى بذلك بل ينظر إلي شذرا وربما في احتقار وقبل أن ألملم بقايا انكساري وفشلي الذريع وأودع تلك القمرة الصغيرة التي تظهر الوجه القميء لكائن فضائي يسمي موظف غلظ لي الإيمان أنه لا يعرف شكل تذكرة القطار التي أطلبها إذ به يرتجف فجأة و أحدهم يمد يده في استعلاء بورقة تشع منها الهيبة فالتقطها وقد غرس ملامح وجهه الجامدة بالورد والياسمين مغمغا في ذل جلي اسمح لي لحظة وامتدت يده وكأنها خلقت تذكرة من العدم وأعطاه اياها قائلا بالله عليك لا تنسي أن تبلغ معاليه تحياتي القلبية .
تركت هذا المشهد العبثي واقنعت نفسي بأن اتنازل عن المقعد المكيف الذي بلا تكييف ما عيبه الكرسي الخشبي الجامد ؟علي الأقل يشد الظهر العمود الفقري ومن يدري ربما هو الطب البديل الذي قد يصفه الأطباء لمرضى الغضروف ما ارخص العلاج بكرسي السكة الحديد افقت من شرودي وأنا كالتائه أمام موظف فضائي آخر لا يختلف كثيرا عن سابقه الوجه الحجري والعيون التي لا يقر لها قرار والايدي التي لا تكف عن العلاج لدي أطباء المخ والأعصاب وما زالت رغم كل أنواع البرشام الممنوع تداوله الا بروشتات ممهورة بتوقيعهم لا تكف حتى ربما في نومهم عن الارتعاش... طلبت منه وكلماتي يغلفها الرجاء وتمتزج بمسكنة اكتسبتها من بعض من كان مثلي يحلم بالحصول على التذكرة العزيزة أن يعطيني واحدة إلا أنه شح في الرد على ولو بكلمة واكتفي بتحريك رقبته ثم دفن وجهه في شاشة الجهاز الذي لا أعرف من أي كوكب جاء ومثلما فعل معي كان هذا هو تصرفه الثابت مع باقي الصف الذي كان خلفي والحق احترمت فيه ثبوته على المبدأ ونظرته واشباهه على تكرمهم بقذفهم نظراتهم الدونية علينا الوقت تأخر وليس هناك من حل سوي ارتقاء أي قاطرة تبحر في الامواج الكونية ولا مانع من الوقوف طوال يوما أو أكثر على الأقدام ومزاحمة البائعة الجائلين ولصوص الظلمة ولا بأس من دفع غرامة أضعاف ثمن الدرة الثمينة ذاتها ونظرة المحصل هو الاخر لنا وكأننا ارتكبنا الإثم العظيم امتدت يدا لي ترتدي زيا غامقا كأنها يد امتدت من قلب الدرك الأسفل من جهنم لتلقيني في اهون درجات النار وصاحبها بتوجس انحني على وهو يقول الي بثمن التذكرة ولا تبخسني حقي في شراب الشاي وفعلا دسست يدي في جيبي الحزين واخرجت من حافظتي ما طلبه لم يكمل البرهة وعاد الي متهلل الاسارير وهو يدفع في راحتي من أظنها هي راحتي من شوك الأرصفة وللأمانة لم أكن أظن أن المعجزات لا تزال تحدث إنما ان أحصل علي تذكرة بعد أن اقسمت شاشة التذاكر نفسها انها خالية الوفاق وهي لا تحب المنافقين والنفاق سرت في اتجاه الرصيف في انتظار مجيء القطار الذي من المفروض أن يصل في غضون دقائق قليلة وأنا كأني عائد من معركة ومعي عظيم الغنائم مرت الدقائق والساعات وبدأ الليل يميل للنوم من كثرة همومه ليعطي الفرصة لشعاع الفجر الوليد أن يمحيه كلية وأنا لا زالت بين الفينة وقريبتها اسأل ناظر مدرسة البالونات الفضائية متى يصل المنطاد؟
حسن رجب الفخراني
مصر

الظل عبدالعزيز محمد عطية مدني - الخرطوم - السودان


 الظل

كان هائما دوما على وجهه مستغرقا فى الصمت ينأى بنفسه عن من حوله لا تظهر على ملامحه إى أشارة بما يعتمل فى دواخله؛ فلا تبدو عليه سمات الحزن أو الفرح أوالخوف؛ ليس عابسا وليس بشوشا؛ غير غاضبا أو مسرورا؛ منكفا على نفسه؛ لم يتمكن أحد من رؤيته وهو يتحدث حتى مع نفسه ويخيل لك أن شفتيه قد أطبقت تماما على فمه وظن الكثيرون بأنه أبكم؛ كانت تبدوا عليه وسامة تتوشح عينيه وجبهته الواسعة ووجهه الدائري وشعره المجعد من فوق هامته؛ وطوله الفارع كل هذه الملامح ألبسته علامات الوقار التى ترفض أن تتخلى عنه وهو أكثر زهدا فيها؛ فتطفأ عليه مزيدا من الغموض واسرار من الحيرة وتساؤلات يتناقلها الناس فى دهشة حتى فى ملابسه التى يرتديها تبدو نظيفة يوم بعد يوم؛ ولم يراه احد يستبدلها ولم يتجرأ أحدهم فى سؤاله عن سر نظافة ملابسه الرثه؛ ولا يعلم له اسما يطلق عليه فتزداد محفزات الدهشة بين الناس من حوله؛ وقد حاول الكثيرون الإقتراب منه والتنفج من مزاجه الهادي دوما ومشاركة وحدته فى الزهد عنهم بدافع الشفقة مرة وبدافع الفضول أكثر؛ والبعض منهم يحاولون التقرب إليه تزلفا كأحد أولياء الله الصالحين فيبتعد عنهم مسرعا متجاهلا وغير عابئا بتوسلاتهم وإغرائهم بالهبات للتحدث إليهم أو الدعاء لهم أو التعلق حتى بأمل ما يرجئ منه؛ فشل الجميع فإن يستنطقون صمته؛ دوما يتجول فى شوارع المدينة وأزقتهاحافيا؛ لم يراه أحدا مستلقيا أو نائما؛ ربما تجده هنا أو هناك فى ناصية الشارع أو على الرصيف أو فى مدخل المدينة أو على وأطرافها المترامية حيث لا يوجد مكان محدد يؤويه؛ يستعمل يديه فى الإشارة أن كان جائعا ولا يتوسل الناس إلحافا؛ فيتسابق الجميع لأشارته الشحيحة فى رغبته للأكل أو لجرعة ماء يطفأ بها ظمأ النهار وهو يلاحق ظله كلما أبتعد عنه.
تعددت القصص التى تروى عنه؛ بعضهم يجزم بأنه درويش كشف الحجاب له فاصبح سائحا مع نفسه تعتريه تجليات الحضرة فيستغرق فى أسرار محبته ويعيش فى عزلة المجذوب لذات المحبوب لا يرعوي لإنس ولا جن؛ سابحٌ فى ملكوت الذات الإلهية. لا يعلم سره إلا الله وقد صدّق الكثيرون ذلك فهو ليس به مس من الجن أو دلالات من أفعالِ شيطانيةِ؛ و يعتزل الجميع فى خلوته بنفسه حافيا نظيف الملابس يفوح منه عبق طيب طوال الوقت لا يتوقف للحظة حتى يلتقط أنفاسه أو يلتجأ لظل يستعطف برودته طوال أيام الصيف الحارة ولا يلتمس دفء فى الشتاء ولا يعتريه خوفا من البلل حينما تدمع السماء فيظل كما هو قبل أن تنزل عليه حبات المطر.فاصبح مريدوه يتعلقون به عن بعد لا يراهم ولكنهم يروه.
قصة أخرى تحكى عنه بأنه فقد أفراد أسرته جميعهم والديه وزوجته واربعة من الابناء الذكور ومثلهم من الإناث فى ليلة واحده فى حادث سير على الطريق السريع خارج المدينة؛ فاصابه الذهول يومئذ. ولكن لا تكاد هذه القصة تجد لها مكانا عند الناس وذلك لطبعه الخجول وهدوءه ووقاره وإعتزال الحياة فى زهده عن الدنيا؛ وطرد فكرة مرضه بالذهول أو الجنون.
فى السنة التاليه منح الدارس درجة الشرف الاولى لرسالة الدكتورة عن بحثه الميداني فى المعينات الظرفية لتصديق الناس لرؤية الظل فى البحث عن الحقيقة. (عبدالعزيز محمد عطية مدني - الخرطوم - السودان )

الفتاة اليتيمة بقلم : ندى علوي الجمهورية التونسية.


 قصة قصيرة. الفتاة اليتيمة

كان ياماكان في احدى ولايات الجمهورية التونسية فتاة رائعة الملامح و حسنة الأخلاق كانت تعيش مع ابيها و أمها وكانت مدللة و تحبهم كثيرا،كانت الأقرب لأبيها كان يعاملها كالأميرة
وفي احد الأيام تعب الأب قليلا كان وجهه مرهقا ،خافت الفتاة كثيرا على ابيها و لم تتحمل رؤيته على هذا الحال بقيت في غرفتها تبكي و تدعي الله ان يشفي ابيها،
و في اليوم التالي قالت الأم لها: ابوك تحسن و سنأخذه للطبيب بعد قليل
فقالت و الدموع في جفونها : حقا ابي سيعود يلعب معي و يشتري لي الشكولاطة ولن يتركني وحيدة
ردت الام : اكيد لن يتركنا و يذهب
فرحت و ذهبت للدراسة و لكن عند وصولها انتظرت اباها عند الطبيب لتطمئن عليه، انتظرت ساعات و لم يأت بعد اتصلت بأمها قالت لها : نحن في الطريق لاتخافي اذهبي لتحضري دروسك و ستقابلين ابوك في المنزل
دخلت البنت الحصةو عقلها مشتت ولاتفكر إلا في والدهاو ماذا قال له الطبيب و هل هو بخير ، رن الجرس خرج التلاميذ لكنها هي ذهبت مسرعة عند الطبيب الأخصائي و سألت عن ابيها فقيل لها انه في المستشفى الكبير
ارتجفت يداها و قالت : لماذا ؟ ما به ابي ؟
قال لها الطبيب و هو حزين : ارتفاع في الضغط والسكر الى نسبة كبيرة جدا
خافت كثيرا و لم تسطتع المشي حتى
اخذت نفسا عميقا و خرجت من عند الطبيب و جلست في مكان بمفردها تنتظر اتصال امها
بقيت قليلا ثم اتصلت بها فلم ترد على اتصالها زاد خوفها و اعادت الإتصال
أجابت ابنةعمتها: ابوك بخير وسيعود للمنزل و بعد قليل، انه يسأل عنك
فرحت البنت كثيرا و قالت لها: بقيت لي حصه واحدة اكملها و اعود الى المنزل
لكنها طلبت منها العودة الآن الى المنزل و قالت لها لا تتأخري ابدا
خرجت مسرعة إلى محطة النقل و يداها ترتجفان و عقلها مشتت لم تستوعب اي شئ و في تلك اثناء فتحت الهاتف قرأت رسالة رحمه الله ربي يصبرك على فراقه
لم تستوعب ما رأته عيناها
إنتفض جسمها بأكمله و عندما ووصلت امام البيت اندهشت ممارأت، البيت ممتلئ بأشخاص و هم يبكون ،تجمدتفي مكانها ثم قالو لي : رحمه الله لقد انتقل إلى جوار ربه
صدمت و تحولت فرحتها الى حزن شديد و بقيت تبكي ولم تستطع تصديق ما رأته لأنه وعدها أن لن يتركها مهما حصل وهكذا تحولت حياة الفتاة الى جحيم بعد موت ابيها سندها و لكنها كانت قوية وإستمدت تلك القوة من ابيها الذي علمها الكثير عن الحياة و عاشت حياتهامع امها و اخواتها
و لكن دائما كان ابو ها ساكنا في قلبها الطيب.
بقلم : ندى علوي
الجمهورية التونسية.

الأربعاء، 4 مايو 2022

قصة قصيرة ( صلاة العيد ) بقلم سمير لوبه - مصر

 


قصة قصيرة ( صلاة العيد )
وفي ليلةِ العيدِ بينما الأمُ مشغولةٌ بترتيبِ البيتِ يحتضنُ ملابسَ العيدِ يشمُّ رائحتَها ، لا يحيدُ بعينيه عن الحذاءِ الجديدِ ، يأملُ في العيديةِ الكبيرةِ ؛ ليشتري الحلوى واللعبَ الجديدةَ ، يتعجلُ الصباحَ أن يأتيَ سريعًا ، تطربُ أذنيه أم كلثوم بأغنيتِها ( يا ليلة العيد أنستينا ) ، يغرقُ في النومِ ، يصحو على صوتِ أمِه الحاني ؛ ليذهبَ مع أبيه لصلاةِ العيدِ ، طوفانٌ من المصلين في ساحةِ الجامعِ الكبيرِ تعلو حناجرُهم بالتكبيراتِ ، يمسكُ بيدِ والدِه ، فرحتُه غامرةٌ فاليوم سوفَ يصحبُه أباه ليركبا الترامَ ويذهبا لحديقةِ الحيوانِ ، يتوقُ لمشاهدةِ القردةِ وركوبِ الفيلِ واللهوِ بالمسدسِ البلاستيكي ، وما إن انتهت الصلاةُ حتى انصهرَ المصلون يتبادلون التهاني والتبريكاتِ بالعيدِ ، يبحثُ عن أبيه فلربَّما يهنئ أصدقاءه وجيرانَه بالعيدِ ، يقفُ على الرصيفِ ريثَما يأتي أبوه ليمسكَ بيدِه ويعبرُ به الطريقَ فيعودَ للبيتِ ليأكلَ الكعكَ من صنعِ أمِه ، ينصرفُ المصلون ولا أثرَ لأبيه يأتيه شابٌ يافعٌ يمسكُ بيدِه قائلاً :
- هات يدَك لأعبرَ بك الطريقَ يا حاج
بقلم سمير لوبه - مصر

فرحة بقلم د. سلوى بن موسى

 فرحة

فرحة جميلة
صادرة من روح طيبة
شملها عفو رباني طيبة
وعلا بروحها العفيفة
فروع السماء ناظرة
وفي كينونتها سائلة
وبنواتها داعية
وبلبها متأهبة
فرحة ..
استكان لها قلب
مؤمن منكسر وتائب
باك وسائل وخائب
ذنت منه وطابت
أشجانها وحنت
وأنيرت ومنت
لاله شكرت
وبالصلاة ارتوت
وبالمحبة انبثقت
وبالعزيمة استقطبت
ولربها أرجعت
ولحب البقاء انتصرت
ولكدها عزمت
وبصبرها تألقت
وبوجدانها نادت
وبشكرها أنيرت
فرحة ..العيد ..
حضرت الجميع وحضنت
والأمل والبسمة أكيد منحت
وسعدت سعيد وأسعدت
في السماء غبطة حلقت
لحنا رائعا نشدت
تزيد النعم مخلصا أبرمت
فرحة العيد
استقبلوها بالأحضان
وسخروا لها الوديان
واجعلوها جنة الخلدان
ومنارة الوجدان
وروح الانسان !!
د.سلوى بنموسى
المغرب

الثلاثاء، 11 يناير 2022

فنجان قهوة د. إبراهيم مصري النهر أخصائي الأمراض الصدرية مستشفى الصدر بدمنهور- مصر


 فنجان قهوة

في صباح يوم الجمعة لليلة باردة وممطرة؛ استيقظت على غير العادة مبكرا لأجد زوجتي قد وضعت على خزينة الأحذية التي بجوار السرير ورقة مكتوبا عليها (أنا نزلت عندي حالة ولادة)
فهي تعمل طبيبة نساء وتوليد.
قلت في نفسي: لا بأس، فرصة والبنات ما زالت نائمات أحتسي كوبا من القهوة وأمارس هوايتي المفضلة القراءة و الكتابة.
دخلت المطبخ ذلك المكان الذي لم أدخله منذ سنوات، فبحكم عملي طبيب؛ أدخل البيت متأخرا وأغادره مبكرا، المكانان اللذان أرتادهما في البيت السرير والحمام، حتى أخبار بناتي أعرفها من زوجتي من خلال مكالمات مبتسرة عبر الهاتف الجوال.. بدأت أستكشف أثاث المطبخ؛ حسنا، ها هو الموقد (البوتاجاز)، وبعد التفتيش والتنقيب تم العثور على الكنكة وفنجان القهوة أسفل غراسة الأطباق، وبالصدفة وجدت السكرية وعلبة وملعقة البن، بقي أهم شيء؛ الولاعة، وظل البحث عنها جارٍ لفترة طويلة لكن دون جدوى، بدأت علامات الحنق تعتري ملامحي، وشرعت أزمجر بعبارات الغضب وخصوصا بعدما طلبتها على الجوال أكثر من مرة لأسألها عن مكان الولاعة وكان في كل مرة جوالها غير متاح، تنهدت، بلعت ريقي، عاودت البحث مرة أخرى عن الولاعة أو أي عود ثقاب في أدراج المطبخ، باءت كل محاولاتي بالفشل..
فنجان القهوة فارغ أمامي ورأسي أكثر فراغا، ماذا عليَّ أن أفعل؟ اليوم الجمعة والوقت مبكرا ومعظم محلات البقالة مغلقة، ناهيك عن الجو البارد جدا، لكن ما العمل؟ حاولت التملص من رغبتي في رشف فنجان من القهوة، لكني لم أقاوم، لم أستطع احتمالا، ارتديت معطفي الثقيل ونزلت إلى الشارع حيت الرعد الذي يصم الآذان والبرق الذي يخطف الأبصار وزخات المطر المتوالية التي ملأت الشارع ببرك المياه، قطعت الشارع الخالي من المارة في هذا الزمهرير ذهابا وإيابا على أمل أن أجد ضالتي ولكن خاب مسعاي، وبينما أنا كذلك سمعت صوت باب جر، نظرت فإذ ببقال يفتح محله، تهللت أسارير وجهي وأسرعت الخطى نحوه.....
دق هاتفي؛ زوجتي، لا داعي للرد عليها، سأرد عليها ردا يغضبها.. أعادت الدق ثانية، فتحت عليها.
-جاءتني رسالة إنك طلبتني.
-أين الولاعة؟
-الموقد إشعال ذاتي.
د. إبراهيم مصري النهر
أخصائي الأمراض الصدرية مستشفى الصدر بدمنهور- مصر

رفاق الطابة قصة قصيرة الكاتبة تركية لوصيف /الجزائر


 

رفاق الطابة
قصة قصيرة
الكاتبة تركية لوصيف /الجزائر
نشرت الغسيل ،وأطلت من سور بيتها المهترىء ،عندما أحست عودة الهدوء للحى واختفى صخب الصغار الحفاة وهم يجرون خلف الطابة
..انزعجت قليلا ،فالهدوء فى مثل هذا الحى المتراصة أكواخه لا ينبئء بالخير أبدا ،هكذا كانت تردد فى داخلها
يجب أن تسرع لتطل من شق الباب الذى حوى من المسامير مافاق الخشب البالى ،تضع وشاحها على رأسها وتمشى خطوات مبعثرة وتدور بمكانها حتى ترى جمعا فى الهجير يلعبون لعبة الكوتشينة ولم ينتبهوا لوجود الصغار ..
سيقانها النحيفة لم يعد مايكسوها إلا الجلد لتقدم قراءة لحياة هؤلاء جميعا ..
تراءت لها شاحنات والغبار يعم المكان ويظهر أنها لمقاول سيشيد مبانى جديدة ..كانت تسأل عن صغيرها وتنادى حتى هرع لأمه تاركا الصحن ..ضمته وقبلته ثم انهالت عليه ضربا وكان يعانقها باكيا معتذرا ..
كان صاحب العمل يرى حنان الأم وعناق صغيرها ،اقترب وقدم اعتذاره وهو يحمل كيسا به طعام..
قال سمير كان ضيفى وأخبرنى أنه يتيم الأب وأنه يريد شراء طابة وقال...
لم تدعه المرأة يكمل حديثه ،قالت لم يخبرنى بحاجته لطابة أبدا ..ولن اسمح لك بالخروج مطلقا ،سأحبسك فى البيت وتلاعب جروك ..ورفضت أخذ الكيس منه فوضعه بيد الصغير..
جاء سمير لهذا المكان لانه اراد مسك مقود الشاحنة وفعل ،كانت امنيته وحققتها له على أن يحقق لى ماتمنيته..
لم تطل المرأة البقاء وشكت فى تلك الأمنية !!
كانت تتلذذ الطعام وتنصح الصغير وهى تحكم قبضتها على أذنه بعدم الإبتعاد ،فالمكان خطير ،ماذا لو دهسته الشاحنة!!
كان الطفل يسرد مادار بينه وبين المقاول من كلام ،أخبرها أن الجرافة ستزيل الأكواخ و سيعوضنا المقاول ببيت صغير وقال علينا الرحيل باكرا من هذا الحى وعلينا إخبارهم بالعودة لبيت جدتى ..
كان فخورا بالحديث عن صديقه الجديد ..
عيونها الغائرتان احتجزت الدموع كما لو كانت بركة راكدة والتفتت لسمير وهو نائم يحتضنها ..
ربما سمير ثرثر كثيرا مع المقاول لأجل ماوجده فى الصحن ،الضيافة وراءها تهجير للفقراء وقتلهم تحت الردم إن رفضوا التهجير وإن قبلت البيت الجديد ،سأقبل كل ما يأت به المقاول ولكن سأقبل لأجل انتشال ابنى من وكر الإجرام ..
طرق على الباب والمنادى الطفل سمير الذى كان يلاعب جروه ،قالت نسيبة من ؟
قال أنا من قبل المقاول
فتحت ونظرت يمينا وشمالا ودعته للدخول للردهة ..
سيدتى ،اجمعى اغراضك وسأحملها للشاحنة وستدخلان بيتا جديدا هذه الليلة
الرحيل عن الحى وعن رفاق الطابة ،كان سمير يلوح بيده للرفاق الذين انهكهم الجرى وراء الطابة ،بدوا كما لو انهم يحسدون سميرا على الرحيل بكرامة تسمروا بالمكان !!
كان سمير محقا بما أخبرها ،بيت جميل فى حى نظيف ..
المقود تديره يدان قويتان ،بدا كالوحش او هكذا كان المقاول يتمنى رؤيته ..وحش يقود الجرافة ويقتحم المكان فيزيل الاكواخ ..
الفقراء فى دهشة من العائد ورفاق الطابة يعرفونه جيدا ويعرفون سر
الجرافة التى مسحت ألوان الفقر عنه وعن والدته ،صاح فيهم وقال :
عودوا لبيوتكم وأهاليكم والأرض لها مالكها وأنا أنفذ الأمر ..
كان المقاول مزهوا بسمير ،جعله نسخة منه ..لم يطب له الطعام تلك الليلة واخبر والدته انه اقتحم الحى وراى رفاق الطابة واحترموه ..
لم أهدم كوخا يا أمى ولا أريد ،فردت هى لتخبره عن الأمنية تلك..قالت أن سعد المقاول سعى لتعليمك ومحو اميتك كما لم يتمنى أن تصبح مدرسا أو طبيبا ،بل صاحب عمل تقود الجرافة وتكون
سنده فهو لم يرزق الطفل الذى تمنى كما نبهنى قائلا:
لاتقفى عقبة أمام سمير ..
استسلمت لرغبته لا لأمره وشكرته فأظهر احترامه لى فهو يريدك ..
عشت فى الغبار يا أمى الذى تخلفه الشاحنات وهاقد اشتد عودى واكتسبت طباعه وعرفت عند رجال الأعمال اننى ولدالمقاول بل ومن صلبه..
تهجير الفقراء وهدم الأكواخ وصراخ الأمهات وقهر الآباء صورة لم ارها ولكن توقعتها..
لحظة إبعادنا عن الحى ..
،الآن تدك الأكواخ يا امى ورفاق الطابة صدورهم عارية تجابه الجرافة..
رمى بالصحن وبكا ،نظرات رفاقى لى قاتلة اقوى من الجرافة ،مساحات استولى عليها صاحب العمل من الفقراء..
ينتزع حقوقهم بالجرافة وأرادنى الأداة الفاعلة ..
طرق على الباب وتفتح العجوز لتجد صاحب العمل يستجدى بسمير..
ولدى أنا بحاجتك أكثر من أى وقت مضى .
ورفاقى بحاجتى أيضا..
وسأدافع عن عائلاتهم ..
جلبة كبيرة ،شريط يمر امام عينيه الشيوخ والعجائز والأطفال والجراء ورفاق الطابة صدورهم عارية تجابه لحظة تحرك الجرافة .
إنها تتحرك وتتقدم ،لحظات حبست فيها الأنفاس.. وسعدت أنفاس اخرى ..كان سمير فى لحظاته الأخيرة إما يزيل الأكواخ او تزال روحه برصاصة طائشة
كانت الجرافة تتقدم فتقدم الرفاق،العجوز كما لو رمت بسمير لقدر مجهول ،كانت صامتة وكانت تختبر رجولة ولدها ،يرفع شأنها او يحطه وساعتها تترك جسده للكلاب الضالة ..
اوقف صوت المحرك واوقفت معه أنفاسه برصاصة طائشة..

هودج إسماعيل خلف/مصر

 هودج

في يوم شتوي _من أيام عام ١٩٦٠م،عزم ياسين علي الرحيل من قريته٠٠ القابعة في غياهب الصعيد، ضاق به حال المعيشة، وترنحت أمامه الهموم، كراقصة باليه بحيرة البجع.
الأب والأم تقدم بهما العمر، وليس لهما عائل غيره، فتوسلا إليه ألا يرحل ويتركهما، كشجرة بلا أوراق، ولكنه مصمم علي الذهاب، أمه: ارجع يا ياسين......
أبوه: إن كان لابد _ كن قويا كالسنين .
-رحل ياسين وأفل عن القرية كشمس في وقت الغروب .
وفي طريق السفر، وجد عرسا يملأ الطريق، طبل وزمر، وأناسا مترجلين، ودوابا، الطريق غير معبد، والأتربة متصاعدة، كتصاعد بخار من إناء يغلي علي موقد.
لفت نظره موكب العروسة، محلاة ببياض العرس، داخل هودج، علي عاتق بعير، يتمايل بها كأنه يرقصها رقصا، حدثه خاطره قائلا: هذا فأل خير، وفجأة تذكر أباه وأمه، فداهمه الحزن، معاتبا نفسه :كيف أتركهم لوحدهم؟، بعد أن قدما لي كل شيء ، لابد من العودة ولنا مع الرحيل موعد .
إسماعيل خلف/مصر

القصيدة الأخيرة بقلم / عبده مرقص عبد الملاك




 القصيدة الأخيرة

بقلم الأستاذ الأديب الشاعر/ عبده مرقص عبد الملاك
كانت تغسل الأطباق بعد العشاء
هو كان يشاهد برنامجاً في التلفزيون
بعد أن تناول الشاي و دخن سيجارة
أمسك ورقة و قلماً و كتب عدة سطور
بعد ذلك إتجه الي السرير لينام
تمدد في السرير و تغطي بالبطانية
بعد عدة ثوان
نادي عليها
أسرعت اليه متسائلة
إبتسم و طلب منها قبلة
ضحكت ,و لم يبد عليها الدهشة
حيث إنها تعودت علي شغفه بها
قبلته قبلة طويلة
إبتسم لها و هو ممسك بيدها
ثم سحب البطانية علي وجهه
و نام
إتجهت الي الصالة حيث كان جالساً
و قرأت ما كتبه
جرت الي السرير
سحبت البطانية من علي وجهه
و جدت إبتسامة عريضة علي و جهه
و لكنه
مات
لقد كان ما كتبه
قصيدة
الوداع
عبده مرقص عبد الملاك

مشاركات الأعضاء

قدر العرب للشاعر متولي بصل

    قدْرَ العربْ متولي بصل مصر *** غدا يعرفُ الناسُ قدْرَ العربْ وأنَّ العروبةَ  مثل الذهبْ وأنَّ البلاءَ على قدْرِها عظيمٌ وكمْ منْ بلاءٍ ح...

المشاركات الشائعة